إن العقل من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان فبالعقل يكون الإدراك والتمييز وبالعقل يكون الفهم والاستنباط وبه تكون الهداية والرشاد وبه ساد الإنسان على الحيوان وإذا استعمل العقل ينتج الابتكارات قال الشاعر: كل العجائب صنعة العقل والعقل صنعة الله الذي سواك والعقل ليس بمدرك شيئا إذا ما الله لم يكتب له الإدراك والله لا يخاطب إلا العقلاء فان زال العقل أو تغيب سقط عنه التكليف حتى يعود إليه العقل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل ) صحيح أبو داود عن على ومقاصد الشريعة الضرورية خمسه وهى حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ النسل وحفظ المال العقل أحد مقاصد الشريعة الإسلامية ونحن نعتدي على العقل الذي تحفظه الشريعة. العقل وصفه أبو حامد الغزالي بأنه أنموذج من نور الله وعرفه الجاحظ بأنه وكيل الله عند الإنسان فان عطل الناس عقولهم صاروا أضل من الأنعام قال الله تعالى ( ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والأنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) 179 الأعراف
ويقول أهل النار يوم القيامة قال الله تعالى ( وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير)11،12 الملك وتظهر أهمية العقل من القرآن الكريم حيث وردت كلمة العقل في القرآن 49 مره وسماه الله (النهي) في آيتين وسماه اللب أي حقيقة الشيء16 آية وسماه الحجر في قوله تعالى ( هل في ذلك قسم لذي حجر) أي لذي عقل ودعا الله إلى التفكير الذي هو نتيجة العقل في 18 آية ودعا إلى التدبر والاعتبار في 11 آية والسؤال الذي نطرحه الآن ما هي الأشياء التي فعلتها الشريعة الإسلامية لحفظ العقل ؟ والجواب يتلخص في ثلاثة أشياء وهى 1) حرمت ا لشريعة الإسلامية التبعية الفكرية والتقليد الأعمى قال الله تعالى ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون)170 البقرة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تكونوا إمعه تقولون إن أحسن الناس أحسنا وان ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وان أساءوا فلا تظلموا ) رواه الترمذي وحسنه عن حذيفة رضي الله عنه وقال الألباني ضعيف مرفوعا وصححه موقوفا ولأن التبعية والتقليد الأعمى تعطيل للعقل عن التأمل والتفكر الذي أراده الله للعقل 2) حرمت الشريعة الدجل والشعوذة والاعتقاد في الخرافات والأوهام لأن المشعوذ والدجال استخدم عقله فيما لم يخلق له والذي ذهب إليه عطل عقله واعتقد فيما لا يضر ولا ينفع وقد صرح القرآن أن الجن لا يعلمون الغيب لا حاضرا ولا مستقبلا قال تعالى ( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين )14 سبأ ولا يزال كثير من المسلمين يعتقدون أن الجن يعلمون الغيب ويسألون أولياؤهم من الأنس عن المستقبل أو عما خفي عنهم وهم لا يعلمون الغيب 3) حرمت الشريعة كل مسكر وكل مخدر وكل مفتر لأنه يستر العقل ويغطيه وكل ما غيب العقل فهو حرام أيما كان نوعه أو اسمه. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مسكر خمر وكل خمر حرام) متفق عليه. وروى أبو داود والنسائي وحسنه النووي عن جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أسكر كثيرة فقليلة حرام) وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر وكل مفتر)رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطى والعراقي وضعفه الألباني وذلك لأن المسكر والمخدر والمفتر يضر بأحد ضروريات الشريعة الخمسة مثل العقل والمال والعرض ويؤثر علي النسل لأنه مضر جدا علي الصحة وهكذا حفظت الشريعة الإسلامية العقل من كل ما يشوبه أو يعطله وكم من مسلم يعتدي على الشريعة ومقاصدها في اعتدائه على عقله والله الهادي إلى سواء السبيل.