منتدى خروبي سليمان
مرحبا بزوار منتدى خروبي سليمان
منتدى خروبي سليمان
مرحبا بزوار منتدى خروبي سليمان
منتدى خروبي سليمان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى خروبي سليمان

منتدى ديني ثقافي تعليمي وترفيهي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بحـوث حــول المخــدرات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
kherroubi
Admin



المساهمات : 721
تاريخ التسجيل : 19/11/2011
الموقع : Chlef

بحـوث حــول المخــدرات Empty
مُساهمةموضوع: بحـوث حــول المخــدرات   بحـوث حــول المخــدرات Icon_minitimeالإثنين فبراير 18, 2013 8:23 am



عدل سابقا من قبل kherroubi في الإثنين فبراير 18, 2013 9:46 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hanichat.forumalgerie.net
kherroubi
Admin



المساهمات : 721
تاريخ التسجيل : 19/11/2011
الموقع : Chlef

بحـوث حــول المخــدرات Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحـوث حــول المخــدرات   بحـوث حــول المخــدرات Icon_minitimeالإثنين فبراير 18, 2013 9:26 am





تقــريــر شامــل حـــول المخـــدرات



تحدد المصطلحات المستخدمة في أي مجال المفهوم العلمي والتطبيقي، وتعرف بالمصطلحات وفق ما استقر عليه استخدامها في مجالات الاختصاص بهدف التوضيح وتلافي الغموض والإبهام وتحقيق الاستيعاب والاختصار.
المواد النفسية (المخدرات) :

هي المواد المحدثة للاعتماد (الإدمان) طبيعية كانت أو مصنعة. وتشمل هذه المواد: الكحوليات (المشروبات الكحولية) والأمفيتامينات، والباربيتورات (مثل الفاليوم، والميلتاون، وسائر المواد المهدئة)، والقنبيات (مستحضرات القنب، الماريغوانا في الغرب، والبانج والجانجا والكاراس في الهند، والكيف في شمال أفريقيا، والحشيش في مصر)، والكوكايين، والمهلوسات (مثل الليسيرجايد، والميسكالين، والسايلوسيبين)، والقات، والأفيونيات (الأفيون، والمورفين، والهيروين، والكودايين)، والمواد الطيارة (الاستنشاقية: مثل الأسيتون، والجازولين).
ويستخدم اليوم مصطلح المواد النفسية بدلا من المخدر. والمقصود بالمخدر في هذا الملف هو المواد المحرم استخدامها إلا لأغراض طبية أو علمية.


الإدمان والاعتماد :

الإدمان هو التعاطي المتكرر للمواد النفسية، بحيث يؤدي إلى حالة نفسية وأحياناُ عضوية ناتجة عن التفاعل مع المادة المخدرة لدرجة يميل فيها المدمن إلى زيادة جرعة المادة المتعاطاة، وهو ما يعرف بالإطاقة أو التحمل. وتسيطر عليه رغبة قهرية قد ترغمه على محاولة الحصول على المادة النفسية المطلوبة بأي وسيلة. وقد استخدم مصطلح "الاعتماد" بديلاً للإدمان والتعود. وقد يحدث إدمان لا يعتبر بالضرورة خطرا أو ضاراً مثل الحالة الناتجة عن تناول البن والشاي والتبغ، ولا يقع هذا النوع من الإدمان في اهتمامنا في هذا الملف، ولكن المقصود هو الإدمان الناتج عن تعاطي المخدرات.


الانسحاب:

هو الحالة التي يكون عليها المدمن إذا توقف عن تعاطي المخدر، وهي مجموعة أعراض تنجم عن محاولة الجسم التخلص من آثار سموم المخدر، وتختلف حسب نوع المخدر. وتبلغ هذه الأعراض أشدها في الأفيون ومشتقاته وبالأخص الهيروين حيث تتراوح مدتها بين يومين وأربعة أيام، ويمكن أن تنتهي ببعض المتعاطين إلى الوفاة.
ومن أمثلة أعراض الانسحاب في حال إدمان الأمفيتامينات (المنشطات والمنبهات): مزاج مكتئب وشعور بالتعب واضطراب في النوم وأحلام مزعجة.
وبالنسبة للانسحاب الكحولي تتمثل الأعراض في الارتعاشات الشديدة والغثيان والتقيؤ والشعور بالضيق والتوعك والضعف وسرعة ضربات القلب والعرق المتزايد، إضافة إلى المزاج المكتئب والتهيج.

التأثير الصحي والنفسي للمخدرات:
أولاً: الكحوليات
ثانياً: المهبطات
ثالثاً: المنومات
رابعاً: المهدئات

خامساًَ: المنشطات الطبيعية

سادساً: المنشطات التخليقية

سابعاً: المهلوسات
ثامناً: المستنشقات

للمخدرات عموماً آثار صحية وانعكاسات نفسية خطيرة على المدمن، فبعض هذه المخدرات يؤدي إلى الهزال والضعف العام مثل الحشيش، وبعضها يؤدي إلى نزف في المخ وانحطاط في الشخصية مثل الأفيون، في حين يسبب البعض الآخر لصاحبه عجزاً جنسياً وتقلباً في المزاج مثل القات.
أولاً: الكحوليات :
تعتبر الكحوليات من أقدم المواد المخدرة وأوسعها انتشاراً في العالم، حيث عرفته الكثير من الحضارات القديمة، فقد وجد في بعض برديات المصريين القدماء عام 3500 ق.م حديثاً عن الخمر والإثم الذي يلحق شاربها، كما تعرف عليه اليونانيون القدماء وكانوا يشربونه بكثره، وهو جزء من الحياة اليومية للعديد من المجتمعات، كما تسخدمه بعض الديانات في احتفالاتها الدينية.
أما تأثيره الفسيولوجي فيبدأ بعد وصوله إلى الدم في فترة تتراوح بين 5 - 10 دقائق، ويتوقف هذا التأثير على نسبة تركيز مادة (الكحول الإيثيلي)، فالبيرة على سبيل المثال وهي من أكثر الكحوليات انتشاراً تكون نسبة تركيز الكحول الإيثيلي 1 - 20 ، أما الخمور بأنواعها وبخاصة "الويسكي" و"الرم" و"الجن" فإن نسبة الإثانون هي 1 - 2 وبذلك تكون خطورتها أشد.

ويعمل الكحول على تثبيط وظيفة قشرة المخ إذا وصل تركيزه في الدم إلى 0.05% حيث يبدأ إحساس الشارب بتأثير الخمر ونشوتها المزيفة. وإذا زادت النسبة عن 0.1% فتتأثر فإن مراكز الحركة في المخ تتأثر، ويبدأ معها ترنح الشارب وتلعثمه ولا يستطيع السيطرة على نفسه. وإذا بلغت نسبة التركيز 0.2% فتسيطر على المخمور انفعالات متضاربة كأن يضحك ويبكي في الوقت نفسه، وإذا وصلت النسبة 0.3% فلا يستطيع المدمن أن يرى أو يسمع أو يحس وتتوقف مراكز الإحساس لديه تماما، وحينما تصل النسبة بين 0.4 – 0.5% فيدخل المدمن في غيبوبة. ويموت شارب الخمر إذا وصلت نسبة تركيز الكحول في الدم بين 0.6 – 0.7% حيث تصاب مراكز التنفس وحركة القلب بالشلل.
ويتوقف ذلك على قدرة الشخص على الإحتمال (الإطاقة) وعلى سرعة تناول الكحول وعلى حالة المعدة وقت التناول إذا كانت مليئة بالطعام أو فارغة.
والكحوليات عموماً تجعل المتعاطي أكثر عدوانية خاصة على النساء والأطفال، كما تفقده القدرة على التوازن والنطق السليم، كما أنه لا يستمتع جنسياً وبعد فترة من التعاطي تدخله في حالة من الهلوسة المصحوبة بالشعور بالإكتئاب، وربما يؤدي به الحال إلى أن يرتكب جرائم جنسية دون أن يشعر، وتزداد خطورتها إذا أعطيت مصحوبة بمواد مخدرة كالهيروين أو مع مضادات الكآبة أو مع المهدئات.
ثانياً: المهبطات:
تعمل هذه المجموعة على تثبيط نشاط الجهاز العصبي المركزي للمدمن، وتنقسم إلى مجموعتين، مهبطات ذات أصل طبيعي كالأفيون والمورفين والكودايين، ومنها ما هو مركب كيميائي، ومنها ما يجمع بين الطبيعي والكيميائي.
المهبطات الطبيعية

الأفيون:
يعتبر الأفيون من أكثر المهبطات الطبيعية شهرة حيث يحتوي على أكثر من 35 مركب كيميائي أهمها المورفين والكودايين. ويستخرج الأفيون من العصارة اللبنية لنبات الخشخاش الذي يزرع وسط مزارع القمح والشعير، وقد ينمو تلقائياً كما هو الحال في الدول الواقعة في شمال البحر الأبيض المتوسط. ويعتبر الأفيون من أخطر أنواع المخدرات حيث تؤدي كمية قليلة منه إلى الأعراض التالية:
- الرغبة في النوم والنعاس
- ارتخاء الجفون ونقص حركتها.
- حكة بالجسد
- اصفرار الوجه
- ازدياد العرق

- احتقان العينين والحدقة

- الشعور بالغثيان
- اضطراب العادة الشهرية عند النساء
- انخفاض كميات السائل المنوي

- الإصابة بالزهري نتيجة استخدام إبر ملوثة.
وعند تشريح جثث مدمني الأفيون وجدت آثار تدل على تأثيره على الجهاز العصبي متمثلة في احتقان المخ وقلة نشاطه وتعرضه للنزف.

ومن آثاره السلبية الأخرى إبطاء حركة التنفس، وتقليل معدل النبض القلبي، وتليف بعض خلايا الكبد، وتقليل حركة المعدة مما يتسبب في الإصابة بالإمساك المزمن.
أما عن الآثار النفسية ففي البداية يشعر المتعاطي بالسعادة الوهمية والتخفف من الأعباء والخلو الذهني، ويهيأ للمدمن أن لديه قدرة أكبر على العمل. ويربط الأطباء بين الأفيون والانحرافات السلوكية كالسرقة والشذوذ الجنسي والدعارة.
كما يشعر المدمن بعد الانقطاع عن المخدر (الانسحاب) بالقلق والاكتئاب بعد عشر ساعات تقريباً، والخوف من الألم الذي سيصيبه في حالة الانسحاب، وبالفعل يبدأ شعوره بالبرد والقشعريرة والإسهال والعرق الغزير والأرق والإفرازات الدمعية والأنفية، ويمكن أن تستمر هذه الأعراض ثلاثة أيام كما يمكنها أن تحدث الوفاة.
المهبطات نصف التخليقية

الهيروين:
وهو أحد مشتقات المورفين وأكثر أنواع المخدرات النصف تخليقية خطورة. والمادة الأساسية في الهيروين هي المورفين، حيث تجرى عليها بعض العمليات الكيميائية وإضافة بعض المواد إليه مثل الكينين والكافيين وفي بعض البلدان يضاف إليه مسحوق عظام جماجم الأموات كما هو الحال في الهيروين المستعمل في مصر والذي يطلق عليه اسم "أبو الجماجم"، ويتعاطى المدمنون الهيروين بطرق متعددة منها الحقن في الوريد أو تحت الجلد والشم.
المهبطات التخليقية

وهي مجموعة من العقاقير التي تحضر من مواد كيميائية له تأثير مهبط وعلى الجهاز العصبي المركزي، وتسمى أحياناً ببديلات المورفين، مثل البيتيدين والديميرول، وبعض هذه العقاقير كانت في الأساس تستخدم في علاج الإدمان ولكن أسيئ استخدامها مثل الميثادون والنالوكسون والبرولوكسفين.
ثالثاً: المنومات :
تشتق المنومات أو الباربتيورات من حمض الباربتيوريك وتستخدم كمسكنات، ولكن أسيئ استخدامها، وبالنسبة لتأثيرها فيتوقف على نوع المنوم، فهناك منوم قصير المفعول مثل البنتوثال وآخر متوسط المفعول مثل الأميتال وثالث طويل المفعول مثل الفينوباربيتال. وتؤخذ هذه المنومات في الغالب على شكل أقراص أو كبسولات وفي أحيان قليلة تؤخذ على هيئة أمبولات.
ومن الآثار السلبية لإدمانها على المدى الطويل تقليل الحركات المعدية والمعوية وتناقص إفرازاتهما، وهي في هذه تشبه آثار الأفيون.
وعلى الجانب النفسي تظهر على المدمن ميول عدوانية، وفي حالة الإقلال من الجرعة فإن المدمن يصاب بالخوف ورعشة في الأطراف، وارتفاع درجة الحرارة وسرعة النبض والغثيان والقيء المتكرر، ثم تأتي مرحلة المغص الشديد والارتعاشات الشبيهة بارتعاشات الصرع.
رابعاً: المهدئات:
الأصل في الاستخدام الطبي للمهدئات هو علاج حالات القلق والتوتر وبعض حالات الصداع، وبخاصة الفاليوم والآتيفان والروهيبنول، ولكن أسيئ استخدامها فأدرجت ضمن الأدوية المخدرة، وتنقسم المهدئات إلى مجموعتين: المهدئات الكبرى والمهدئات الصغرى، وتستخدم الأولى في علاج الاضطرابات العقلية كالفصام، في حين تستخدم الثانية في علاج القلق والتوترات والأمراض العصابية.
ويؤدي إدمان هذا النوع من المهدئات إلى الاعتماد الفسيولوجي والسيكولوجي، وإن كانت أعراض الانسحاب منه أخف وطأة من غيره من المواد المخدرة.
خامساً: المنشطات الطبيعية:
الكوكايين:
ويستخرج من الأفيون الخام، حيث تتراوح نسبة الأفيون فيه ما بين 0.5 - 2.5 % من وزنه، كما يوجد في نبات الكوكا الذي ينمو في أميركا الجنوبية، وخاصة في جبال الإنديز وبيرو وكولومبيا والهند وإندونيسيا. وتحتاج زراعته إلى درجات مرتفعة الحرارة والرطوبة. والكوكا نبات معمر يمكن لشجرته البقاء لمدة عشرين عاماً، وتحصد ست مرات في العام الواحد.

يستخرج من هذا النبات مادة شديدة السمية هشة الملمس بيضاء اللون إذا كانت نقية، أطلق عليها اسم الكوكايين، وتتركز خطورتها في التأثير على خلايا الجهاز العصب المركزي، حيث تؤخذ بالشم أو الحقن أو بالمضغ، وفي حالة تناول جرعة زائدة عن المسموح بها طبياً تؤدي إلى الوفاة مباشرة.
وينزع المتعاطون للكوكايين في أميركا الجنوبية العصب المركزي للنبات ويمضغون أوراقه، ويزداد استخدامه بين الطبقات العاملة، لأنه يعطيهم إحساسا بالقوة ويزيل الشعور بالتعب والجوع.
في بداية التعاطي يشعر المدمن بنوع من النشوة والسعادة والنشاط المتدفق، ولكن هذه الحالة لا تدوم طويلاً إذ سرعان ما يعقبها الكسل والهبوط واللامبالاة والضعف العام، فيحاول أن يعوضها بجرعة أخرى من المخدر، فيدخل في المرحلة الثانية. وفي هذه المرحلة تظهر عليه اضطرابات سلوكية من أهمها الأخاييل Hallucinations بكل أنواعها السمعية والبصرية واللمسية. فيشعر المدمن بأن كل ما يحيط به يتحرك، وبأن حشرات صغيرة تزحف على جلده وتخترقه، فيحكه حكاً شديداً بل يصل به الأمر إلى استخدام الإبر أو الدبابيس لإخراج هذه الحشرات من تحت جلده.
ويدخل المدمن في شعور بأنه مراقب وبأن جهات خارجية ترصد تحركاته وتعد عليه خطواته، ومن ثم يدخل في المرحلة الثالثة.
ومن سمات هذه المرحلة التي تحدث بعد سبع سنوات من تعاطي الكوكايين انحطاط تام لجميع وظائف الجسم وتفكك لشخصيته.
لكن من المهم الإشارة إلى أن هذا المخدر بالذات -وبعكس الأفيون- لا تصيب المدمن في حالة الإقلاع عنه أي انتكاسات جسدية، بل يعود المدمن إلى حالته الطبيعية بعد فترة من ترك الإدمان.
القات:
القات من المنشطات الطبيعية، بعد أن يمضغه المتعاطي يشعر في البداية بنوع من النشاط ثم بعد فترة من المضغ تصيبه حاله من الفتور والكسل. يزرع القات في اليمن ومنطقة القرن الأفريقي، والمادة الفعالة فيه هي الكاثين Cathine، وتمتص عن طريق مضغ أوراق النبات.
وبمجرد مضغ القات يشعر المتعاطي بالرضا والسعادة وينسى الخبرات المؤلمة ومشاكله، حتى أنه ينسى الشعور بالجوع. ثم بعد عدة ساعات من التعاطي ينتابه شعور بالخمول والكسل الذهني والبدني، واضطرابات هضمية وإمساك،والتهابات في المعدة وارتفاع في ضغط الدم، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية المتمثلة في الأرق والإحساس بالضعف العام والخمول الذهني والتقلب المزاجي والاكتئاب.
سادساً: المنشطات التخليقية:
الأمفيتامينات (المنشطات) :
الأمفيتامينات مركبات كيميائية تحدث تأثيراً منبهاً للجهاز العصبي وتقلل من الإحساس بالإجهاد والتعب والشعور بالنعاس، ولذا انتشرت بين الرياضيين والطلاب والسائقين الذين يقودون سيارتهم لمسافات طويلة وغيرهم من الفئات التي تحتاج إلى التركيز الذهني وبذل جهد عضلي مضاعف. ومن أهم المنشطات المتداولة الديكسافيتين والميثافيتامين، وأدوية أخرى تشبه في تأثيرها الأمفيتامينات مثل الديتالين والكتاجون واليونات.
من المنشطات ما هو على شكل كبسول ومنها ما هو على شكل سائل أصفر يحقن في الوريد يسمى "الماكستون فورت" وهو سائل يمكن أن يحضر محلياً مما يجعله شديد الخطورة.
وللأمفيتامينات خاصية الإطاقة بمعنى أن المدمن يقبل على زيادة الجرعة كل فترة حتى تحدث الأثر المطلوب، وقد تصل في بعض الحالات إلى أن يعاطى المدمن 60 حبة يومياً أي حوالي 250 مليغراما.
يسبب استعمال هذه العقاقير حالة من الهبوط والكسل والشعور بالتعب تعقب الشعور بالنشاط الذي حدث للمتعاطي، وأحياناً تصل نتيجة إدمان هذه المنشطات إلى حالة من انفصام الشخصية أو إلى الجنون.
سابعاً: المهلوسات :
المهلوسات هي مجموعة من المواد الكيميائية غير المتجانسة تحدث اضطراباً في النشاط الذهني وخللاً في الإدراك، ويتصور المتعاطي لها أن له قدرات خارقة ويعيش في حالة من الخيالات والأوهام التي قد تؤدي به إلى الانتحار.
ومن المهلوسات ما هو طبيعي متستحضر من مصادر نباتية، ومنها ما هو تخليقي يتكون من مواد كيماوية ويحضر معملياً.
المهلوسات الطبيعية :
منها الحشيش ومنها حبوب مجد الصباح، وبعض أنواع عيش الغراب، والميسكالين المستخرج من صبَّار المسكال، وهو على شكل مسحوق بني اللون يستخرج من النباتات المجففة، ويؤخذ عن طريق الشم أو الحقن.
الحشيش:

يستخرج الحشيش من نبات القنب الذي يزرع القنب في الأميركتين وأفريقيا وجنوب شرقي آسيا والشرق الأوسط وأوروبا وله أسماء أخرى كثيرة منها الماريجوانا (الحشيش المجفف) والبانجو (الأوراق التي تحتوي على نسبة قليلة من المادة الفعالة)، وريت الحشيش، التي تتخذ شكلاً سائلاً غير قابل للذوبان في الماء. والحشيش نبات خشن الملمس له جذور عمودية وسيقان مجوفة، وأوراق مشرشرة مدببة الأطراف، وهو أحادي الجنس أي يوجد نبات ذكر وآخر أنثى. تتميز الأنثى عن الذكر بكونها أكثر فروعاً وأفتح ألواناً، كما أن زهرة الأنثى معتدلة مورقة ولها قاعدة على شكل قلب، بينما تكون زهرة الذكر ذابلة رخوة ذات غلاف زهري. ومن مشتقات. والحشيش هو السائل المجفف لشجرة القنب، ويستخرج من الرؤوس المجففة المزهرة أو المثمرة من سيقان الإناث التي لم تستخرج مادتها الصبغية.
يأخذ الحشيش شكل المساحيق، وقد يحول إلى مادة صلبة مضغوطة ومجزأة إلى عدة قطع ملفوفة في ورق "السوليفان" لها لون بني غامق، أو ربما تحول إلى مادة سائلة غامقة اللون، تحتوي على درجة تركيز عالية، يتم تعاطيه عن طريق التدخين في السجائر أو في النرجيله وأحياناً يحرق داخل كوب ويستنشق المتعاطي البخار المتصاعد.
يؤثر الحشيش في الجهاز العصبي المركزي، إلا أن هذا التأثير يختلف من مدمن إلى آخر بحسب قوته البدنية والعقلية تبعاً لطبيعة المتعاطي وميوله، إذ قد يستغرق المتعاطي في خياله وأوهامه كما قد ينتاب المتعاطي ذا الميول الإجرامية ثورات جنونية ربما تدفع به إلى ارتكاب أعمال لها سمة العنف. وعموماً يمكننا إيجاز الآثار
الفسيولوجية والنفسية للحشيش على النحو التالي:
أ- الآثار الفسيولوجية للحشيش
تحدث هذه الآثار بعد ساعة تقريباً من تعاطي المخدر:
- ارتعاشات عضلية

- زيادة في ضربات القلب

- سرعة في النبض

- دوار

- شعور بسخونة الرأس

- برودة في اليدين والقدمين

- شعور بضغط وانقباض في الصدر
- اتساع العينين
- تقلص عضلي

- احمرار واحتقان في العينين
- عدم التوازن الحركي
- اصفرار في الوجه

- جفاف في الفم والحلق

- قيء في بعض الحالات.

أما الآثار الصحية على المدى الطويل فتتمثل في الضعف العام والهزال، وضعف مقاومة الجسم للأمراض، والصداع المستمر، وأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية، وتصل تلك الأعراض إلى حد الإصابة بالسل. وبالنسبة للجهاز الهضمي تظهر أعراض الإمساك تارة والإسهال تارة أخرى وذلك بسبب تأثر الأغشية المخاطية للمعدة.
ب- الآثار النفسية للحشيش
أما عن الآثار النفسية التي يتعرض لها مدمن الحشيش فهي:
- تظهر على المتعاطي أعراض الاضطراب في الإدراك الحسي ويتمثل في تحريف الإدراك البصري.
- اضطراب الشعور بالزمن والمسافات.
- تضخيم الذات.
- ضعف التذكر.
المهلوسات نصف التخليقية

من أشهرها مادة الليسارجيد المعروفة باسم L.S.D والمعروف في بعض البلدان العربية باسم "الأسيد" والذي تستخرج مادته الأساسية من فطر الأرجون الذي ينمو على نبات الشوفان، ويوجد عقار L.S.D على شكل أقراص رمادية اللون مستديرة صغيرة الحجم، كما يوجد على شكل كبسولات.
المهلوسات التخليقية
ومن أهمها عقار ميسكالاين وبيسيلوكابين، وتكون على شكل كبسولات أو مسحوق أو سائل.

وتتركز خطورة الهلوسة في ما يسمى برحلة الهلوسة أو الرحلة السيئة التي يصبح المتعاطي فيها معرضاً للحوادث والأخطار، إضافة إلى التقلب السريع والحاد في المزاج والسعادة الكاذبة التي يشعر بها المتعاطي. لكن عقاقير الهلوسة لا تسبب إلا إدماناً نفسياً فقط، إذ يسهل استبدال العقار بعقار آخر، بل يمكن الاستغناء عنها كليا.
ثامناً: المستنشقات:
وهي من المواد المخدرة التي شاع استعمالها في البلاد العربية، حيث يستنشق المدمن بعض المذيبات الطياره مثل البنزين ومخفف الطلاء ومزيل طلاء الأظافر وسائل وقود الولاعات ولاصق الإطارات والغراء والكلة وعوادم شكمانات السيارات.
يمكننا القول بعد هذا العرض لأنواع مختلفة من المخدرات الطبيعية والمخلقة أنها كلها تؤدي إلى نتيجة واحدة وهي إصابة الإنسان بخلل خطير فسيولوجياً ونفسياً لا يمكن تداركه إلا إذا أقلع الإنسان عنها.....
استخدام المواد المخدرة يضرب في أعماق التاريخ ويعود إلى حوالي 5000 سنة. فمنذ العصور السحيقة قام أناس بزراعة نباتات مخدرة لأغراض ترفيهية أو طبيه أو اجتماعية. لكن البدايات المعاصرة لاستخدام المخدرات خاصة في الغرب بدأت بالاستخدام الطبي للمخدرات، وكان الأطباء يصفون مركبات الأفيون كعلاج بل إن أحد الأطباء كتب كتابا يبين فيه للأمهات متى وأين تستخدم المخدرات لعلاج أطفالها. وكان جهل الأطباء حينئذ بالمخاطر التي يمكن أن تنتج عن إدمان هذه المواد، جعلهم يستخدمونها على نطاق واسع لعلاج العديد من الأمراض والآلام. وقد اتسع نطاق استخدام المخدرات إلى أن دخلت في كل علاج حتى مهدئات الأطفال.
وفي الحرب الأهلية في أميركا كان المورفين يستخدم علاجا في حالات الإصابة حتى سمي الإدمان على المورفين آنذاك "مرض الجندي". وفي سنة 1898 أنتجت شركة باير في ألمانيا مادة مخدرة جديدة على اعتبار أنها أقل خطورة وكانت هذه هي مادة الهيروين التي تبين أنها أكثر خطورة في الإدمان من المورفين، الذي جاءت بديلا عنه. وعندما أدرك الأطباء وعموم الناس مخاطر الإدمان كانت المخدرات قد انتشرت بشكل واسع جدا. (المصدر Maisto, 1999).
طرق تعاطي المخدرات:
تختلف طرق تعاطي المخدرات من صنف إلى آخر ومن شخص إلى شخص، فالبعض يفضل التعاطي منفرداً والبعض الآخر يشعر بنشوة وهو يتعاطاها وسط مجموعة. وبالنسبة للمخدرات نفسها فالبعض يفضل الشم والبعض الآخر يفضل التدخين وبعض ثالث يفضل الحقن في الوريد، ومن أمثلة ذلك:

1- الحشيش

- عن طريق التدخين (سيجارة، سيجار، نرجيلة)، ومن أشهر الدول العربية المنتشر فيها هذا الصنف مصر.


- أو عن طريق الشراب حيث يقطع المتعاطي أوراق الحشيش وقممه الزهرية وينقعها في الماء ويذيبها ثم يشربها، وتنتشر هذه الطريقة في الهند.


- عن طريق الأكل بحيث يخلط الحشيش بمواد دهنية أو بالتوابل ويقطع على هيئة قطع الشكولاته ويؤكل مع بعض الأطعمة.

2- الأفيون

- يستخدم الأفيون في المجال الطبي لتخفيف الألم، ويستعمل على شكل محاليل تؤخذ في الغالب في العضل حتى لا يتعرض المريض لإدمانها، أو أقراص تتناول عن طريق الفم.
وأما التعاطي غير الطبي فيؤخذ عن طريق التدخين كما هو في الهند وإيران، أو البلع بالماء وقد يعقبه تناول كوب من الشاي، وأحيانا يلجأ المدمن إلى غلي المخدر وإضافة قليل من السكر إليه ثم يشربه. أو الاستحلاب حيث يوضع تحت اللسان وتطول فترة امتصاصه، أويؤكل مخلوطاً مع بعض الحلويات، أو الحقن، أو يشرب مذاباً في كوب من الشاي أو القهوة
القات
تنتشر زراعته وإدمانه في منطقة القرن الأفريقي والسودان واليمن، وهو عبارة عن نبات أخضر تمضغ أوراقه وتخزن في فم المدمن ساعات طويلة، يتم خلالها امتصاص عصارتها، ويتخلل هذه العملية بين الحين والآخر شرب الماء أو المياه الغازية، وشرب السجائر أو النرجيلة.

4- المهلوسات

وقد سميت بهذا الاسم لآثار الهلوسة التي تحدثها على شخص المتعاطي، وهي في الغالب تخيلات عن أصوات وصور وهمية، وأهم هذه المهلوسات عقار L.S.D وعقار P.C.P. وتكون المهلوسات على شكل حبوب تؤخذ عن طريق الفم.

5- المنشطات (الأمفيتامينات)
تنتشر في الوسط الرياضي وبين طلبة المدارس والجامعات، وسائقي الشاحنات على الطرق الخارجية والدولية، وذلك لآثارها المنشطة على الجهاز العصبي، ومن أشهر طرق تعاطيها على شكل حبوب تؤخذ عن طريق الفم.

6- المورفين والهيروين
للمورفين خاصية كبيرة في تسكين الآلام، إلا أنه يسبب الإدمان الفسيولوجي، حيث يؤثر على وظائف خلايا المخ. والهيروين من مشتقات المورفين ويكثر استعماله عن طريق الشم، ويتم إدمانه بعد أسبوع من البدء في تعاطيه.


7- الكوكايين

يؤخذ الكوكايين بطرق متعددة تتشابه إلى حد كبير مع الحشيش، سواء عن طريق التدخين أو الاجترار تحت اللسان أو البلع أو مع بعض الأطعمة والمشروبات
الأبعاد الاجتماعية والنفسية والتربوية لتعاطي المخدرات
أسباب الأدمان:
أولا : البعد الحيوي:
ثمة اتجاه يعزو سوء استعمال المخدرات أو القابلية لتعاطيها إلى عوامل جينية فطرية. وأصل هذا الافتراض لتعليل الاعتماد عليها يوجّه أساسا لسببية إدمان الخمور. كما أن هناك افتراضات مؤداها احتمالية وجود أسباب جينية فطرية لسوء استعمال المخدرات ترتبط وراثيا بخصائص إفرازات المورفين الذاتية، إذ إن ثمة إفرازات لنوع من الأفيون في المخ قد يكون له دور في إقبال صاحبه على الأفيون.
وهناك وجهة نظر ترجع نفس الأسباب إلى الكحول أيضا، ويؤثر هذا وذاك على الجهاز العصبي المركزي (Mohit 1988). وقد يكون هذا النهج من وحي المدرسة الوضعية التقليدية التي أرجعت أسباب الانحراف والجريمة إلى عوامل جينية وراثية في القرن التاسع عشر تأثرا بنظرية التطور التي ذاعت وكان لها تأثيرها على ميادين علمية أخرى ثم ثبت دحضها من واقع الدراسات التجريبية المقارنة (Gibbons et al, 1975). وقد يكون أحد هذه المجالات محاولات التعليل البيولوجي الحيوي الوراثي لسوء استعمال المخدرات والخمور.
وعلى أي حال فإن هذه الفروض تحتاج إلى مزيد من المراجعة البحثية Replication لتحقيقها علميا على مستوى الدراسات الحضارية المقارنة لأن أساليب الاستعمال والممارسة تختلف من سياق اجتماعي ثقافي لآخر، إلا أن الأمر شديد الوضوح هو أن الخبرات الأولى لسوء الاستعمال لا تحدث إلا في سياق اجتماعي عن طريق عملية التعلم التي أكد عليها سوذرلاند وكريسي (Sutherland ,E & cressy ,D,1960) في نظرية الارتباط المتغاير Differential Association Theory التي ترتكز على أن السلوك السوي أو المنحرف يتأثر بأسبقية تعلمه ومدى تكراره واستمراره وعمقه، بما يعني أنه لولا الخبرة الأولى للتعاطي التي مصدرها نوعية الجماعة التي تعطي نعوتا لهذا السلوك أو ذاك بالاستحسان أو الاستهجان لما تكرر السلوك أو استمر.
ومن منطلق المنظور الإسلامي لمشكلة التعاطي والاعتماد على الخمور والمخدرات فإن أوصاف هذا الضرب من السلوك المحرّم هو منع الإنسان إراديا أن يغيّب عقله الذي يمثل جوهر المسؤولية في العبادات والمعاملات الاجتماعية، وينفي مسؤولية الاستخلاف على عمارة الأرض وتنمية المجتمع (Abdel-Motaal, 1996).
ويعتبر استعمال المخدرات لتسكين الآلام البدنية من الأسباب المكتسبة بيولوجيا، وذلك بالنسبة للأفيون بدعوى أنه يخفف الآلام المرتبطة بأمراض معينة. وذلك مدخل يسير لطرق أبواب من العلاج دون الوصول إلى التشخيص الفعلي للأمراض، وقد يؤدي هذا المسلك في كثير من الحالات إلى الاعتماد على المخدر دون أن يقصد المريض أي إساءة أخلاقية، وهو مدخل ظاهره الرحمة وباطنه من قبله العذاب.
ويطلق على مادة الأفيون بأنه القاتل للألم وكذلك المواد الأخرى التي يطلق عليها أيضا الملطفة للمشاعر، وهي من مشتقات الأفيون أو المناظرة له وأشهرها المورفين والهيروين، وأخرى تشتمل على الكوديين والميبيردين (ديميرول) والميثادون (آميدون، دولوفين) (Schur,E 1965)
وفضلا عن إزالة الألم فإن الأفيون يحدث الارتخاء العضلي وقلة النشاط الحركي والميل إلى الخمول والكسل والنعاس.

ومن مستحدثات المواد المخدرة المصنعة التي اجتاحت الولايات المتحدة الأميركية منذ الثمانينات ثم تلتها إلى الدول الأخرى عقار الميث Meth الذى يتعاطى بطرق مختلفة، والكراك Crack أحد مشتقات الكوديين، والذي أصبح وباء في أميركا الشمالية والوسطى. وقد اكتسب الميث شعبيته في عالم التعاطي بسبب سهولة إنتاجه محليا ومنزليا وانخفاض ثمنه على عكس الحشيش والكوكايين الذي يستورد من الخارج. وقد تعاطى أكثر من مليون أميركي الميث خلال سنة 1999. أما الكراك فيستعمل بمقدار أكثر من الهيروين بثلاث مرات. ومن آثار الميث البدنية الخطيرة التي تحدث خلال ساعتين منذ بداية تعاطي الجرعة هو الاندفاع المفاجئ الذي يحدث بسبب تغيرات حادة في المخ، وإحساس بالتخدير يماثل صدمة الأدرينالين.
أما الآثار البدنية الصحية للحشيش -باعتباره أكثر المواد انتشارا في العالم في سوء الاستعمال- وبالرغم من إباحته من قبل بعض الدول فإنها ثابتة لمن استعمله يوميا وعلى مدى عدد من السنين، وذلك غالبا ما يكون في أمراض الجهاز التنفسي وضعف القدرة الإدراكية. وقد تحققت هذه الإصابات لدى 10% من المتعاطين يوميا، و20 - 30% ممن يتعاطونه بشكل أسبوعي. أما استخدامه أثناء فترة الحمل فأدى إلى تقصير فترة الحمل وانخفاض وزن المواليد أو تشوّه بعضهم، وقصور أيضا في عمليات الولادة. واتضح كذلك أن ثمة احتمالا كبيرا لمن يستخدمونه بشكل متكرر ومكثف وقوفهم على حافة دائرة الإصابة بمرض السرطان وسوء الهضم واحتمال الإصابة باللوكيميا (‎Martine ,B& Hall,W 1999)
ثانياً: البعد الثقافي
لا تقتصر آثار المخدرات على الأضرار الحيوية على مستوى الفرد بل إن العلاقة العضوية الحيوية تؤثر وتتأثر بالجهاز النفسي هذا فضلا عن السياق الاجتماعي والثقافي، ومن ثم فإن البعد النفسي كان قد حظي بكمّ هائل من الدراسات والبحوث في مجالات التعاطي والإدمان سواء بالنسبة للمخدرات أو الكحوليات. ونظرا لسبق المشكلة في مصر عن غيرها من البلاد العربية، وسبقها أيضا في إنجازات
مشروعات بحوث ودراسات سوء استعمال المخدرات بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الذي أسس في نهاية الخمسينات، وكذلك في الجامعات المصرية، فإنه بجانب الاستشهاد بنتائج بحوثها في المجال النفسي والاجتماعي فإننا سنقرن النتائج التي وردت في الدراسات الأخرى التي عالجت مشكلة سوء استعمال المواد المخدرة.
هناك مشكلة بأنه لا يوجد شخص يزعم ما إذا كانت التغيرات النفسية المرضية أوالتغيرات في الشخصية يمكن اعتبارها سببا ونتيجة للاعتماد على المخدرات. وهذا يتضمن الإدمان العدواني الذي يتصف بمستوى عال من القلق في العلاقات الشخصية وإحباط في التسامح ومشاعر التقليل من شأن النفس أو تقويم الذات. ولو أن الدراسات النفسية المعتمدة على نظرية التعلم قد ألقت بعض الضوء على مختلف جوانب المشكلة، ولكن ذلك لا يمكن أن يصف الظاهرة بأبعادها المتعددة.
ويؤدي سوء استعمال المخدر إلى تغيرات أساسية في الشخصية إذ تجعل الإنسان قابلا للأمراض النفسية والذهانية. وهناك آثار حادة من الاعتياد على الحشيش من أهمها القلق والهلع والبارانويا، خاصة بالنسبة للمتعاطين المحدثين، والوهن الإدراكي وخاصة بالنسبة للتركيز والذاكرة وضعف الآلية النفسية وتأخر ردود الأفعال مما يترتب عليه مخاطر حوادث الطرق والسيارات. وأيضا توقع المخاطر الزائدة للأعراض الذهانية بين هؤلاء المدمنين الذين في سجل أسرهم تاريخ أمراض ذهانية.
أما الآثار المزمنة فهي تنتج من جراء الاستخدام المزمن للحشيش لعدد من السنين -وإن كانت ثمة آراء لا تؤكد ذلك- فهناك أعراض الاعتمادية التي يحددها عدم القدرة على الامتناع أو الكف عن سوء الاستعمال وهناك أيضا أشكال كامنة، كما في الآثار الحادة، للوهن الإدراكي الذي يؤثر على الانتباه والذاكرة. وأيضا انخفاض مستوى الأداء والمهارات والتحصيل الدراسي عند البالغين (Martin & Hall ,1999)

أما آثار الأفيون النفسية ومشتقاته ففضلا عما ذكرنا في الآثار البدنية فإن الارتباط وثيق بينهما، فالأفيون من المواد المثبطة التي تؤدي عادة إلى تخفيض مستوى العصبية والنشاط البدني، فإلى جانب الارتخاء العضلي والرغبة في الخمول، هناك إحساس بالانشراح والشعور بالسعادة والرضا وستجد نفسك تنظر إلى هذه المشاكل بطرق مختلفة، فكل شيء هادئ مما يجعلك لا تشعر بحاجتك إلى محاربة العالم.
والواقع أن ثمة مناقشات دائرة حول المبالغة للطبيعة الإيجابية لنتائج هذا الانشراح، فهناك قول بأن هذا الابتهاج هو نوع من التخيل والوهم إذ إن مثل مشاعر الابتهاج تنحصر غالبا في المراحل المبكرة للتعاطي، أما في المراحل المتأخرة فالنتائج عكس ذلك تماما فالشعور بعدم الابتهاج وعدم الرضا والسعادة هو واقع المدمنين. (Schur, E, 1965)
أما بالنسبة لعقار الميث أو الكراك المصنع معمليا فإن خطورته في مجرد التعاطي لأنه يسبب تغيرات حادة في المخ ويشعر المستعمل له خلال ساعتين بالسعادة. ويستطيع متعاطو الميث أن يظلوا من ثماني إلى اثنتي عشرة ساعة أو أكثر معتمدين على كيفية استخراج دخان المخدر أو استنشاقه أو شمّه أو بلعه أو الحقن به. ولذلك ينتشر في البلاد التي تصنعه محليا كالولايات المتحدة وأميركا الوسطى بين تجمعات الملونين وفقراء البيض في الريف الأميركي.

وتشير نتائج البحوث المصرية عن نتائج مسح استطلاعي أجري على عينة من 500 متعاط في ريف وحضر مصر (سويف/ المركز القومي) إلى أن الدوافع النفسية لتعاطي الحشيش في سن مبكرة (سن العشرين في المتوسط) كان أقواها (77%) هو مجاراة الأصحاب والحصول على الفرفشة، في حين كان الدافع الأقوى لتعاطي الأفيون هو الاعتماد عليه لمواجهة العمل الشاق، وإذا كان الدافع الجنسي يشكل 25% بالنسبة للحشيش فإنه أكثر بالنسبة للأفيون (50%) من الفئة التي تسيء استعماله.
وتؤكد الدراسة ما انتهت إليه الدراسات الأخرى في الآثار النفسية إزاء الاختلاف في إدراك الزمن حيث يتجه نحو الزيادة في البطء في حين يختل إدراك المسافات المكانية نحو زيادة الطول وزيادة التضخم بالنسبة للأحجام ونصوع الألوان ووضوح الأحداث.

وتزول هذه الاختلالات بالنسبة للمتعاطي للحشيش في اليوم التالي على التعاطي.
ويؤكد البحث نتائج الدراسات المتعلقة بأثر التعاطي على الوظائف العقلية حيث تضعف الذاكرة بالنسبة إلى 42% من الحالات تحت تأثير المخدر المباشر. ويزعم 86% منهم قدرتهم الجيدة على حل المشكلات ويشهد 75% من العينة بسرعة انتقالهم من موضوع إلى آخر في الكلام أو التفكير. وقد يتفق هذا مع الخيال الشعبي بأن الحشاش سريع الخاطر ويفسر البعض بأن هذه صورة من حالات الهوس (آلمنيا)، أما حياتهم الوجدانية فيميل 50% من العينة نحو الاستكانة، وانخفاض نسبة التحكم عند 41%.

ثالثاً: البعد الثقافي
ويتفرد الحشيش باندماجه في ثقافة الشباب، وسن البدء فيه أصغر عادة من أي عقار آخر. وباستثناء أوضاع جلب الحشيش واستعماله في مصر بتاريخه الطويل وأيضا في بعض مناطق الشرق الأدنى والأوسط، فإن أخطر ما حدث منذ بداية الستينات ومازال قائما حتى الآن
هو أن الحشيش قد أصبح من صميم ثقافة فئات عريضة من الشباب حيث بدأ أولا في الولايات المتحدة الأميركية ثم أوروبا ثم إلى باقي مناطق العالم، مستمدا تأثيره من خلال الموسيقى وحفلاتها الصاخبة، والتطور السريع في حركة التصدير جعله على قمة المواد المخدرة الأخرى طبيعية أو مشتقة. ويلاحظ أن البداية العمرية للتعاطي يبلغ متوسطها أصغر في الحشيش منه في الكوكايين والهيروين فهو يراوح بين 16 - 17 عاما في الولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا وأستراليا بينما يصل إلى 19 - 22 بالنسبة للكوكايين والهيروين لنفس البلدان (UNDCP 1999)
وتؤكد الدراسات المعاصرة إيجابية الارتباط بين زيادة استهلاك الحشيش بما فيه أوراق البانغو الذي انتشر في مصر الآن وبين ثقافة الشباب السائدة، ففي دراسة حديثة في فرنسا تفيد تماثلا بين دول أوروبا في توافق عملية التطور المستمرة لاستعمال القنب (الحشيش) والتغيير في ثقافة الشباب. وثمة زيادة درامية متوازية في العقاقير المصنّعة -كجزء من مشهد الهذيان في دول الاتحاد الأوروبي سنة 1990- أدت إلى ما يمكن أن نطلق عليه في المملكة المتحدة تطبيع الشباب الترفيهي باستعمال المخدر.
وقد تبين طبقا لمسوح الجريمة في بريطانيا أن انتشار استعمال القنب (الحشيش) من سن 16 - 19 قد ارتفع من 18% سنة1991 إلى 27% سنة 1996. وارتفع سن بداية التعاطي من 26% إلى 35%، ومن ثم فإن واحدا من كل ثلاثة من الشباب لديه ميول استعمالية نحو الحشيش، وواحدا من أربعة استخدموا الحشيش مرة على الأقل في السنة الأخيرة، وهناك 16% من الشباب استعملوه في الشهر الذي سبق الدراسة المسحيّة، وازداد الاستعمال بين سن 16 – 59 بنسبة 5% سنة1991 إلى 9% سنة 1996.
وإذا انتقينا نموذجا لدولة من دول الاتحاد الأوروبي كهولندا التي أباحت الاستعمال العلني والحيازة المحدودة للحشيش فإن ثمة رواجا واضحا لمادة الأكستازي المخدرة إلى جانب الحشيش الذي ارتفعت معدلات تعاطيه بين تلاميذ المدارس من سن 12 - 19 سنة من 2% سنة 1984 إلى 3% سنة 1988 إلى 11% سنة 1999 (UNDCP 1999)
ونجد أن خريطة التعاطي والاعتماد (الإدمان) بالنسبة لشباب مصر قد اختلفت في الربع الأخير من القرن العشرين عنها قبل ذلك في ضوء البحوث والدراسات الزمنية المقارنة التي أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية منذ الستينات. وكانت من أهم معالم العقود الأخيرة منذ السبعينات غزو العقاقير المصنعة لمصر إلى جانب المواد الطبيعية وعلى رأسها الحشيش وتوأمه البانغو المنخفض الثمن عن غيره من المواد.
ويشير بحث "الشباب والمخدرات في مصر" (سويف 1981) من واقع عينة لتلاميذ المدارس الثانوية (5530 تلميذا) والمدارس الفنية (3686 تلميذا) وطلاب الجامعة
(2711طالبا) إلى أن ثمة ارتباطا إيجابيا بين تعرض الشباب لثقافة المخدرات وبين احتمال الإقبال عليها. وتعتبر وسائل الإعلام من القنوات الاجتماعية التي تنشر ثقافة التعاطي. كما اتضح وجود جماعات من الشباب لا يستهان بحجمهم لا يتعاطون المخدر ولكنهم على استعداد نفسي للتعاطي، ويطلق على هؤلاء بالفئات الهشّة. ويعتبر سن 16 في الثانوي و19 في الجامعة هو السن الذي يزداد فيه احتمال التورط في مشكلة التعاطي. وثمة أعداد كبيرة نسبيا تقبل على تجربة التعاطي بدافع حب الاستطلاع أو أي دوافع أخرى. وتوضح النتائج أن 75% من هذه الأعداد لا تلبث أن تتوقف ويبقى 25% فقط في عالم التعاطي.

ولا شك أن الفئة الباقية المستمرة في التعاطي قد يتجه أغلبها نحو الإدمان ويعتبر أفرادها وهم في وسط جماعات المدمنين أشبه ببؤر تشيع الفساد تمارس فيها طقوس التعاطي والإدمان وصك مصطلحات السخرية من النظم والقيم والآداب الاجتماعية السائدة والحاكمة للدين والأخلاق. وليست قضية عبدة الشيطان ببعيدة والتي تورط فيها مجموعة من المراهقين والشباب كانت المخدرات هي طريق الأوهام والهذيان الذي مهد لهم لهذا الانحراف.
لقد كشفت البحوث والدراسات التي أشرنا إليها وغيرها عن العلاقة الجوهرية بين التعاطي وبين المضمون الثقافي له من حيث ضرر المخدرات أو فائدتها أو الحياد تجاهها (عبد المتعال 1991) إن هذه القيم المضادة للمصالح الاجتماعية والاقتصادية بسبب ظاهرة سوء استعمال المخدرات المحظورة لا تقتصر على مجتمع دون آخر من حيث آليات الإنتاج أو الجلب أو التهريب أو التوزيع وأيضا المضامين الثقافية التي تنامت معها وانتقلت معها عبر الحدود الإقليمية، فأصبحت الظاهرة عالمية تتأثر بالسياق الاقتصادي المشروع -كما أشرنا سلفا- وأيضا بالأزمات السياسية الدولية التي تبلغ قمتها في الحروب العالمية والإقليمية. فلا شك أن رواج المخدرات ونوعيتها اختلف بعد الحرب العالمية الثانية عنه قبلها وكذلك خلال وإثر الحروب الفيتنامية، والأفغانية، والإيرانية العراقية، والعربية الإسرائيلية.
فعلى سبيل المثال حدث في مصر انخفاض مؤقت بعد الحرب العالمية الثانية حتى الحرب العربية الإسرائيلية 67 - 73 في جلب المخدرات ولكن لمدة سنتين ثم بدأ بعدها في الارتفاع. ثم بدأ خلال السبعينات انتشار مادة الماكستون فورت والحبوب الدوائية وذلك لصعوبة جلب الحشيش والأفيون نتيجة الحروب العربية الإسرائيلية. وعاد الكوكايين والهيروين منذ مطلع الثمانينات واستمر الحشيش والأفيون والماكستون فورت والمواد الدوائية المنشطة وبسبب تغليظ العقوبة إلى الأشغال الشاقة وإلى درجة الإعدام للتجار والمهربين. وانحسرت نسبيا تجارة تهريب الحشيش ولكن انتعشت تجارة البانغو لإمكانية وسهولة زراعته في المناطق الصحراوية كشبه جزيرة سيناء.

رابعاً: البعد الاجتماعي
إن تكرار التعاطي واستمراره وارتباط ذلك بالتركيبة الكيمائية في المخدرات الطبيعية أوالمصتّعة وتأثيرها في الجهاز العصبي المركزي وتنشيطها للجهاز النفسي أثناء إساءة الاستعمال، لا يتم على مستوى ملايين المستعملين إلا في سياقات اجتماعية مختلفة متنوعة الثقافات سواء محبذة أو معارضة أو محايدة لاستعمال المخدرات المحظورة. وقد شاهدنا مجتمعات متقدمة أباحت قوانينها الجديدة تعاطي الحشيش تحت ضغط تغيّر الاتجاهات الثقافية في الرأي العام، وقد أثر ذلك بالفعل في الحركة التجارية والتسويقية للمخدر مما سيمتد أثره إلى أحجام العرض ومساحات الطلب. وبذلك نرى أن العلاقة متشابكة بين أبعاد ومتغيرات متشابكة بين مجتمعات قاربت بينها خطوط الاتصال والانتقال بشكل اختزل به الزمن والمسافات، فالعلاقة معقدة بين وفرة العرض وزيادة الطلب والإدمان أو الاعتماد على المخدر. فمن المؤكد أن التمكين من إعمال قوانين الحظر في أغلب الدول وحجم المضبوطات من المخدرات المحظورة يسبب زيادة في ارتفاع أسعار المواد المخدرة كالأفيون وهذا بدوره قد يقلل من أعداد المدمنين، ودرجة نقاوة المخدرات المستهلكة وحجم الكمية المستخدمة في الجرعة الواحدة. وقد يؤدي هذا إلى تحول نحو أنواع أخرى من المخدرات أقل سعرا وبطبيعة الحال أقل نقاوة وجودة وأكثر ضررا (Mohit 1996)
إن إعمال القانون ودور أجهزة العدالة الجنائية في مجال الوقاية والمكافحة محور أساسي لضبط إيقاع حركة سير المجتمع واستقراره واستمراره. ومن ثم فإن الهيئة القانونية وآليات العدالة وردود أفعالها في الأحكام وتأثيراتها في التعديلات التشريعية لا يمكن غض الطرف عنها عند المعالجة الدراسية لمشكلة المخدرات وتخطيط سبل الوقاية والعلاج فكل ذلك جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي الذي لا ينفصم عنه أي بعد من الأبعاد والعوامل الحيوية أو النفسية أو الثقافية أو الدينية أو الأخلاقية.

إن مآل تكرار التعاطي يجعل من الإدمان احتمالا أكبر بل مؤكدا بالنسبة للمخدرات القوية أو النفّاذة، خاصة أن هذا التكرار يوثّق الارتباط بالمخدر. وطبقا لتعريف منظمة الصحة العالمية WHO فإن إدمان المخدر أو الاعتماد عليه هو حالة من الخدر والتسمم المرحلي أو المزمن تنشأ بسبب استهلاك المخدر الطبيعي أو المصتّع وتتضمن خصائصه الآتية:
1- رغبة عارمة أو حاجة قهرية للاستمرار في تعاطي المخدر والحصول عليه بأي طريقة.

2- ميل واضح لزيادة الجرعة.

3- اعتماد جسمي ونفسي على تأثيرات المخدر.

4- نتائج وتأثيرات ضارة على الفرد والمجتمع.

فدون وضع العوامل الاجتماعية والبيئية في الاعتبار لا يمكن أن نحصل على تفسير سببي كامل لمسألة الإدمان، إذ المجتمع كموئل كبير هو الذي يحدد كلا من العرض والطلب للمخدرات، وهو الذي يقرّ معايير السلوك ذات الأهمية لفهم الاتجاهات ونماذج السلوك التي تقر الاستعمال للمخدر. وليس من السهولة بمكان أن نحدد أو نقيس النتائج والآثار لعدد من المتغيرات المعقدة والمتفاعلة التي تسهم في تكوين المجتمع، إلا أننا يمكننا التركيز على بعض الأبعاد المحورية في الحياة الاجتماعية، ومن أولها أثر تجزيء الهياكل البنائية ومدى فعالية الأسرة.
ويتبدى أثر تجزيء هياكل الحياة الاجتماعية في تداعيات الهجرة الداخلية من القرى إلى المدن الكبرى، وتكوين أحياء ومدن صغيرة عشوائية حولها، وتعتبر هذه من أهم عوامل زيادة الطلب وتهيئة تربة خصبة للعرض. كذلك يتبدى في تداعيات الهجرة الخارجية الدائمة أو المؤقتة إلى البلدان الغنية خاصة الدول النفطية، فترك رب الأسرة عائلته وغيابه مدة طويلة معوضا أبناءه بتدفق المال مما شجع اليافعين على الانخراط في نمط مشوش من الحياة من بينها آفة تعاطي المخدرات (Mohit 1996)
أما مدى فعالية الأسرة في التنشئة والتربية بعناصرها الإيجابية والسلبية في تكوين الاتجاه نحو المخدرات أو الخمور أيضا فإن الدراسات ونتائج البحوث عنها مستفيضة تزدحم بها الكتب والمجلدات والدوريات العلمية الاجتماعية والنفسية والتربوية. ففي الأسرة يمكن أن يكوّن الآباء والأبناء نماذج سلوكية سوية، ويمكن أن تكون الثقافة الفرعية للأسرة والحي الذي تنتشر فيه المخدرات اتجاها محبذا أو محايدا على الأقل إزاء أنواع معينة من المخدرات وليس ضدا لها. وقد تشكلت أنماط التنشئة هذه في أغلب المناطق الموبوءة بالمخدرات لأسباب نفعية خاصة باقتصاديات الأسرة التي يستفيد منها جميع أعضاء الأسرة بما فيهم الأبناء بطبيعة الحال، حتى يصل إلى درجة توارث أسرار مهنة الجلب والتوزيع لدى العائلات المشتغلة بالتجارة والتوزيع. وتتشكل أيضا أنماط ونماذج التنشئة لدى الأسر المستهلكة على نفس نسق استحلال التجارة أو التعاطي.
ولقد انبثق منهج الاستحلال لأسباب تتعلق بالتناقض التشريعي نحو مادتين أخطرها وهي الخمور مغيبة للعقل وتباح تجارتها واستعمالها بمقتضى قوانين وضعية في دول عربية إسلامية. وأقلها خطرا -من وجهة نظر التجار والمتعاطين- الحشيش وتوائمه كالبانغو والقات المفتر للعقل والذي لم يرد في النصوص الدينية ما يحرمه إلا من فتاوى بالتحريم ظهرت مؤخرا. ويمثل ذلك ما أطلقت عليه في دراساتي السابقة بالفجوة الثقافية التشريعية أو التخلف الثقافى القانونى Juridical Culture Lag.
(عبد المتعال 1991 & 1996) إن مثل هذا التناقض قد يؤدي إلى تناقض مثيل له في عملية التنشئة والتربية في الأسرة التي تلوثت أجواء قيمها بثقافة التعاطي التي أشرنا إليها سلفا في العوامل الثقافية المشجعة للتعاطي عند الشباب.
وإذا كان للأسرة دورها الإيجابي في الرعاية والحماية والتنشئة والوفاء بالحاجات الأساسية البدنية والصحية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك من احتياجات مستجدة، وتأثيرها الكبير في تشكيل الاتجاهات والقيم وضروب السلوك، فإنه يمكن أيضا أن يكون لها دور سلبي إذا ما ساد فيها أجواء التوتر والاضطراب والمشكلات المرضية والنفسية والتعرض للأذى وتعاطي المخدرات. ومن أهم ما يتمخض عنه الاضطراب والتفكك الأسري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hanichat.forumalgerie.net
kherroubi
Admin



المساهمات : 721
تاريخ التسجيل : 19/11/2011
الموقع : Chlef

بحـوث حــول المخــدرات Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحـوث حــول المخــدرات   بحـوث حــول المخــدرات Icon_minitimeالإثنين فبراير 18, 2013 9:28 am



خامساً: التعليم والتربية
إذا انتقلنا إلى الأثر التالي للأسرة أصدقاء ما بعد الطفولة المبكرة، والمواكب لهما في المراحل العمرية اللاحقة فستكون بالضرورة المؤسسة التعليمية التي تعدّ الفرد إلى التوافق مع مجتمعه بأبعاده التاريخية والثقافية والحضارية المتعددة على هدى الحقوق والمسؤوليات التي سينشأ على مراعاتها والالتزام بها. ولا سبيل إلا باستيعاب ذلك كله عن طريق إمداد العقل بالمعارف والعلوم وتدريب النفس على تمثل القيم الأخلاقية والدينية التي تأسس عليها المجتمع. فإن العقل هو الوسيط الذي بسلامته ورجاحته ينهض بالإنسان ويرقى بالمجتمع، وبذلك كانت حمايته هي المقصد الأول من مقاصد الشريعة حيث إنه بدونه لن نصل إلى مقاصد الحفاظ على الدين والعرض والنفس والمال والنسل. لذلك كانت الخمر والمخدرات وبالا على تهديد العقل وسيط المعرفة والدين والحضارة.

لقد بينت الدراسات التي اقتفت أثر سوء استعمال القنب (الحشيش) وهو أقل شدة ونفاذا من المواد القاسية الأخرى، أن الاستعمال المزمن أو الحاد قد يؤدي إلى إضعاف الذاكرة والوظاثف العقلية والقدرة على تسلسل الأفكار والإضرار بالنمو الاجتماعي والعاطفي للأطفال والمراهقين، وإضعاف مستوى الأداء الدراسي، وترتبط درجة الإضعاف بالكمية أو الجرعة المتناولة. ويلخص الأثر المحتمل لأنواع مختلفة من المخدرات بأنها يمكن أن تقلل من العمليات والقدرات المعرفية، وتعوق بين الطفولة والشباب وتنمية قيمهم ومثلهم. كما يؤدي انخفاض مستوى الكفاءة المعرفية إلى انخفاض المستوى الأكاديمي ويؤدي إلى التقليل من شأن الإنسان لنفسه، كما تسهم في عدم الاستقرار النفسي والشعور بالهوية (UNDCP) وقد تهيمن المخدرات على تفكير الشخص إلى درجة إصراره على اللجوء إليها كمهرب لحل مشكلاته الخاصة.

سادساً: العمل والبطالة
العمل والبطالة على طرفي نقيض، فالعمل يقوي من إرادة البناء والبطالة تثبّط من همته، والعمل عصب التنمية والإنتاج وهو بدوره السبيل إلى التقدم والرخاء. وإذا أراد عدوّ أن يغدر بشعب فإنه يهاجم مواقع الإنتاج الرئيسية بالنسف والتخريب، فإذا لم يستطع فبالحيلة والغدر مستهدفا جوهر العمل ذاته وهو القوى البشرية وتفريغها من مضمون إرادتها وكفاءاتها ومهاراتها. فبالدعوة إلى هجرة أفضل العقول وأكفأ المهارات إلى مواقع إنتاجه من ناحية ومن ناحية أخرى إضعاف القوة الباقية في موطنها الأصلي، وسبيل ذلك يمكن أن يكون بتشجيع مؤامرات جلب وتهريب المخدرات. فإذا كانت البطالة ظاهرة لها مقدماتها الاقتصادية وهي تعيق عملية التنمية وتؤدي إلى مشكلات اجتماعية أخرى متعددة، فإن انتشار المخدرات يستهدف التهام حصاد العملية الإنتاجية وسوء استعمالها يؤدي إلى إضعاف القدرة على الأداء والتقليل من دقته ووصول العامل المتعاطي أو المدمن إلى حالة من الإحساس بالضياع والشعور باللامبالاة والاغتراب عن مواقع الإنتاج والأسرة والأبناء والمجتمع.


فقد أوضحت دراسات عدة أن تعاطي المخدرات يقلل من التركيز الدائم وحضور الذاكرة وتعريض المهارات الميكانيكية للضياع. وعلى نفس نسق ما أوردناه من أثر المخدرات على القدرات المعرفية في العملية التعليمية فإن نفس النتائج المشابهة تتكرر في عمليات الأداء الإنتاجي وفي الكفاءة الذهنية والمهارات اليدوية.

فالحشيش يفسد الوظائف المعرفية كما أثبتت البحوث المصرية ذلك على مدى العقود الأربعة الماضية. ويزيد الحشيش من زمن الاستجابة أو رد الفعل وانخفاض الدقة الميكانيكية. والأفيون يقلب الأمزجة ولو بجرعات صغيرة، ويقلل من النشاط ويضعف من المهارات الآلية النفسية المرتبطة بقيادة السيارات. وإذا كان الكوكايين ولو بجرعات صغيرة قد يحسّن الأداء في الأعمال الصغيرة، فإنه بالإضافة إلى المواد المشتقة منه يؤدي إلى نوع من القهر عند تكرار الاستعمال والإدمان عليه. ورغم ما قيل فإنه من الواضح أن التورط في سوء استعمال المخدرات يخفض من الإتقان في العمل ويضعف من الدقة في الأداء كما أثبتت ذلك نتائج البحوث التي أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية على مستوى القطر المصري بين العمال والطلاب والتلاميذ، وكذلك الدراسات التي أجرتها منظمة العمل الدولية ILO في عدد من الدول الأوروبية، أو التي أجريت على موظفي هيئة البريد في الولايات المتحدة الأميركية، أو التي أجريت على عينة من 468 من الشباب في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا. وتبين أن التعاطي ينتشر بين العمال الذين يلتحقون بورش صناعية في الأماكن والأحياء التي تنتشر فيها ثقافة تعاطي المخدرات.

وقد تشكل البطالة تربة خصبة لتنامي مشكلة سوء استعمال المخدرات خاصة بين الشباب العاطلين، ومما يساعد على ذلك تهميش مجتمع الكبار لهم فيجعل قابليتهم للوقوع في خبرات التعاطي أكثر احتمالا. والجدير بالذكر أن 30% من قوة العمل في العالم معطلة عن الإنتاج، وهناك أكثر من 120 مليون نسمة مسجلون كعاطلين، وهناك أيضا 75 مليون نسمة طالبين للعمل. وهؤلاء غير ملايين الأفراد غير المسجلين، إلا أن كثيرا من هؤلاء يقومون بأعمال في القطاع غير الرسمي مما قد يقلل نسبيا من غلو المشكلة.

سابعاً: المخدرات والجريمة
اختلفت الآراء حول علاقة المخدرات بالجريمة وهل هي علاقة سببية بين المقدمات والنتائج؟ أم علاقة ارتباط بين مثير واستجابة؟ أم أنها عامل مساعد لا تتم الجريمة إلا بحدوثه؟ ولكل هذه التساؤلات من نتائج الدراسات ما يثبتها ومنها ما ينفيه.

(UNRISD, 1984) وما دام الأمر كذلك وفيه حيرة منهجية، فإنه على الأقل وجدنا من الدلائل ما يثبت -خاصة في العقدين الأخيرين بعد استشراء الظاهرة عالميا وسوء الاستعمال المفرط بالنسبة للمخدرات المصنعة والمواد النفسية المنشطة- أن ثمة جرائم تحدث قبل التعاطي وأخرى بعدها وأغلبها يرتبط بأمرين:

الأول يتعلق بجلب المخدرات وتوزيعها، والثاني يتعلق بعملية الاستهلاك.

وتبدأ الجرائم الخاصة بالجلب والتوزيع من التجريم القانوني لها، وترتبط بالجرائم ضد الأشخاص بالقتل والأذى البالغ أثناء الاصطدام مع قوات المطاردة لعصابات المهربين، أو في مواقف الصراع الذي يحدث أحيانا بين هذه العصابات، وكذلك توريط العديد من الأحداث والشباب في عصابات التوزيع والتسويق. وأخيرا وليس آخرا جرائم التربّح من جراء أنشطة غسيل أموال والتي فطن إليها أخيرا كبار التجار والمهربين.
أما الجرائم المرتبطة بالاستهلاك فإن أغلبها ينحصر في جرائم المال بسبب القهر الذي يسبق رغبة المدمن في الحصول على المخدر عندما يقع في ضائقة مالية تحول بينه وبين القدرة على شراء المخدرات. وتشير دراسة أجريت في تورنتو بكندا إلى تورط الكثير من الأحداث والشباب في نشاط عصابات للشباب خلال سنة 1980 في ارتكاب جرائم السرقة والسطو من أجل الحصول على المال لشراء المخدرات. كما اتضح أيضا أن جرائم العنف والتشويه واستخدام الأسلحة قد صاحبت تسويق مخدر كراك الكوكايين (Fredrik, M)
وأفاد تقرير مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين (ميلانو 1985) عن الشباب والجريمة والعدالة، بأن سلطات الدول المشاركة قلقة للغاية بسبب مصاحبة ازدياد معدل الجريمة بازدياد استهلاك العقاقير المخدرة. وأشير أيضا إلى أنه كثيرا ما يرتكب مسيئو استعمال العقاقير جرائم تتصل بتعودهم تعاطي المخدرات، وخاصة من أجل الحصول على العقاقير أو المال الذي يشترونها به.
طرق علاج وتأهيل مدمني المخدرات
فى بداية الاهتمام بمكافحة المخدرات وتعاطيها وإدمانها كان ينظر إليها كما ينظر إلى الجراثيم والميكروبات التى تهاجم الناس وتصيبهم بالمرض فبدا الأمر وكأن المتعاطي إنسان لا إرادة له استدرجه تاجر المخدرات وأعوانه حتى جعلوه يدمنها فلما انفق كل ما يملكه عليها تحول إلى مروج لها يغرر بالناس كما غرر به. وهذا ليس صحيحا إلا فى حالات قليلة للغاية، أما فى الغالبية العظمى من الحالات فإن تعاطي المخدرات وما تبعه من إدمان كان عملا واعيا أقدم عليه الشخص عن علم واختيار وبإرادة كاملة لا ينتقص منها أن يكون قد تأثر بعوامل نفسية أو اجتماعية.
ونتيجة لهذه النظرة الضيقة إلى المخدرات وجهت الحكومات ومؤسساتها على اختلافها اهتمامها إلى الأشخاص الذين يجلبون المخدرات والذين يتجرون فيها فشددت عقوباتهم المرة تلو المرة، لعل ذلك يثنيهم عن جلبها والاتجار فيها. ولم تنس المتعاطي والمدمن، فشددت العقوبة المنصوص عليها فى القانون بالنسبة لهما أيضا كي يفيقا ولا يدعا هؤلاء وأولئك يخدعونهما أو يغررون بهما.
وهكذا فات الحكومات أن تدرك أن تشديد العقوبات، سواء بالنسبة للجالبين والمهربين والتجار، أو بالنسبة للمتعاطين والمدمنين لا يكفى بذاته لمنع الفريق الأول من جلب المخدرات والاتجار فيها ولا لصرف الفريق الثاني عن تعاطيها وإدمانها.
وبالنسبة للفريق الأول فقد سبق أن أجريت دراسة إحصائية تحليلية لجرائم جلب المخدرات والاتجار فيها قبل تشديد العقوبات وبعد تشديدها تبين منها أنه عقب التشديد مباشرة حدث انخفاض شديد فيها بلغ 50% استمر ستة أشهر فقط ثم عاد إلى الارتفاع شيئا فشيئا حتى بلغ 100% بعد عام واحد ثم بلغ 200% بعد عامين وهكذا حتى أصبح كالمتوالية الحسابية، الأمر الذى دل على أن تشديد العقوبات لا يكفي وحده لمنع الجلب والاتجار فيها أو حتى للحد منهما وإنما يجب، فضلا عن ذلك، منع الطلب على المخدرات أو خفضه إلى أدنى حد ممكن. ذلك أنه طالما وجد المهربون والتجار أن المخدرات تعود عليهم بأرباح ضخمة لا تدرها أي تجارة أخرى فإنهم لن ينصرفوا عنها مهما كانت المخاطر التي تكتنفها والتي يظنون دائما أنهم قادرون على تجنبها والتغلب عليها. من ذلك أن سعر الكيلوغرام من الأفيون فى البلاد المنتجة لا يزيد على عشرة دولارات بينما هو فى البلاد المستهلكة عشرة آلاف دولار. وفى صناعة الكوكايين يعود توظيف مائة دولار على صاحبها بفوائد تقدر بحوالى مائة الف دولار!
وهنا يأتي دور الفريق الثاني أى المتعاطين والمدمنين فهم الذين يشترون المخدرات بالأسعار التى يحددها التجار ومن قبلهم المهربون والجالبون فيحققون لهم الأرباح الطائلة التى تشجعهم على الاستمرار فى هذه التجارة. وهو ما رأت الحكومات أن تشديد العقوبة من شأنه أن يجعلهم يفيقون فينصرفون عنها ويكفون عن شرائها ونسيت أن هذا إن صح بالنسبة لمن يتعاطون المخدرات التي لا تحدث إدمانا فإنه لا يصح بالنسبة للمخدرات التى يؤدي تعاطيها إلى الإدمان والذين لن تخيفهم العقوبة مهما كانت شديدة لأن حالة الإدمان تجعلهم يستخفون بكل شىء. وبالتالى فإن الطلب سيبقى وسيقوم التجار بتلبيته مهما كانت المخاطر التى سيعوضونها برفع الأسعار وهم على ثقة من أن المدمنين لن يستطيعوا التوقف عن الشراء وإنما سيبذلون أقصى ما في وسعهم من الجهد للحصول على المال اللازم للشراء. أما إذا افترضنا عجز التجار عن توفير "الصنف" فإن ذلك لن يجعل المدمن يتوقف بل سيعمل من جانبه للحصول على البديل الذى قد يكون أشد ضررا من النوع الذى أدمنه.
ونتيجة للاعتماد على العقوبات الشديدة فى مواجهة المخدرات أصبحت المسؤولية عن مكافحتها ملقاة على عاتق الشرطة والقضاء والسجون، فالشرطة تلاحق وتقبض على الجالبين والمهربين والتجار والمتعاطين والمدمنين لتقدمهم للقضاء الذي يوقع عليهم العقوبات المنصوص عليها فى القانون إذا أدينوا فيودعون بالسجون ليقضوا بها عقوباتهم.
ولعل عدم ظهور آراء مبتكرة ومواقف غير تقليدية من مشكلة المخدرات يرجع إلى هذا الوضع غير العملى الناشئ عن اعتقاد المشرع أن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من الجهود الشرطية المستمرة والأحكام القضائية السريعة والقاسية وبالتالى لم يكن غريبا أن تكلل جهودهم بالفشل الذى كشفت عنه الزيادة المستمرة في جرائم المخدرات من كل الأنواع وزيادة أكبر فى الكميات التى يتم ضبطها والتى ترى الأمم المتحدة أنها تساوى 10% من الكمية الإجمالية التى يجري تهريبها إلى داخل الدولة.
ولا ننكر أنه كانت هناك جهود بذلت على هامش المكافحة الشرطية- القضائية مثل الوعظ من جانب بعض رجال الدين فى المساجد وغيرها من أماكن الصلاة ، والنصح والإرشاد من جانب بعض الأطباء والباحثين فى مجال المخدرات فى الإذاعة والتلفاز، فضلا عن المؤتمرات والندوات وورش العمل. وكما نلاحظ فإن هذه الأنشطة كلها موجهة إلى الجميع مدمنين وغير مدمنين كما أنه يعيبها السطحية الشديدة الناشئة عن أن الذين قاموا بها كانوا ولا يزالون على ثقة من أن شيئا جادا لن يتحقق والأمر فى حقيقته لا يزيد عن أن يكون "سد خانة" كما يقول العوام أي التظاهر بقضاء واجب لا أكثر.

أضرار المخدرات
أولاً: التكلفة المادية للمخدرات
ما هي الضريبة القسرية التي يدفعها المجتمع الإنساني جراء جريمة تعاطي المخدرات؟ هل يمكن تقدير ثمن الأرواح الإنسانية التي تزهق بسبب المخدرات؟ أو هل يمكن تقدير قيمة دمار الأسر والمجتمعات وفقدان الأمن والاستقرار من هذه الجريمة؟ إن المخاسر الاجتماعية والأخلاقية لتعاطي المخدرات لا يمكن تقديرها بالأموال لأنها أكبر من ذلك بكثير "مثلا في الأردن وبشكل رسمي كما ذكر مدير دائرة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام في لقاء تلفزيوني أنه في العامين المنصرمين توفي ثلاثون شابا بسبب تعاطي المخدرات. ثلاثون شابا عرفنا عنهم، وماذا عن الذين لم نعرف عنهم؟ الذين توفوا نتيجة حوادث السيارات بسبب المخدرات . وإضافة إلى هذه الخسائرفإن المخدرات تضطر المجتمع إلى أن يعمل ضدها ويقاومها ويخفف من تأثيرها. مثل برامج العلاج والوقاية من المخدرات وكذلك الأعداد المتزايدة من رجال الأمن الذين يتم تجنيدهم وإعدادهم لمواجهة جريمة المخدرات تشكل كلفة هائلة. أضف إلى ذلك ما تسببه المخدرات من أمراض، وما تقتضيه من معالجة ومن استنزاف للموارد وما تستلزمه من خدمات وما تسببه من أضرار. وقد قدرت كلفة المخدرات في أميركا بثلاثة بلايين دولار. وينفق الأميركيون 40 بليون دولار سنويا لشراء المخدرات الممنوعة، وهذا المبلغ أقل بستة بلايين عن المبلغ الذي ينفق على نظام العدالة الجنائية. (المصدر Maisto, 1999).
بوابات الادمان

ان تعاطي المواد المخدرة ايا كان نوعها أو وضعها الاجتماعي أو القانوني هي مواد ذات خطورة كبيرة وأضرارها المباشرة وغير المباشرة تشل المجتمع الانساني وتضر بأخلاقه واستقراره وأمنه ومصادر عيشه. إن المخدرات ذات الخطورة المباشرة لها أضرار
كثيرة واضحة لكن المخدرات ذات الخطورة الكامنة مثل التدخين والخمر قد لا تبدو بمثل خطورة المخدرات لكنها في الواقع أشد فتكا وأوسع تأثيرا وانتشارا.

إضافة إلى وجود عوامل اجتماعية وشخصية وبيئية تهيئ ظروف الانحراف للشباب وغيرهم، كذلك توجد ترابطات بين الأنواع المختلفة من المخدرات وغيرها من المواد التي تؤدي إلى الإدمان. عادة ما يبدأ المتعاطي باستخدام مواد خفيفة ثم ينتهي به الأمر إلى الإيغال في الإدمان وتعاطي المواد الخطرة. وقد بينت الدراسات العلمية المختبرية أن تعاطي بعض المواد المخدرة يدفع الفرد إلى تعاطي مواد أخرى أكثر خطورة (انظر Fonseco, 1997) وهنا نود أن نشير إلى أبرز هذه البوابات حلقات.
التدخين
يمثل التدخين الخطوة الكبيرة الأولى أو النافدة التي يطل منها الشباب إلى عالم المخدرات. فقد يكون اندفاع المراهقين نحو التدخين بهدف إبراز الذات، والتحدي والحصول على صورة لذواتهم تعطيهم شيئا من النشوة التي يبحثون عنها. لكن ظروف التدخين والرفقه السيئة ومحدودية اللذة التي يجلبها التدخين تدفع بعض المدخنين الصغار إلى البحث عن درجات أعلى من النشوة واللذة. فعندها يتولد لديهم الاستعداد لتعاطي مواد مخدره أخرى وتزول من أمامهم حواجز الحرمة أو الخشية من التعاطي. وبزوال هذه الحواجز الأخلاقية والقانونية يصبح الطفل/ الشاب قابلا لأي عرض يقدم له.
الكحول
كما تدل الدراسات والأبحاث العلمية يبدأ معظم متعاطي الحشيش أو الماريوانا أولا بشرب الكحول. وبينت كثير من الدراسات العلمية (مثلا Kandel, et al 1992) أن استخدام المخدرات يبدأ بتعاطي البيرة والخمرة. فإذا كان هناك مادة تعتبر بوابة رئيسية في مسلسل تعاطي المخدرات فإنها تحديدا هي الكحول (أم الخبائث). وتشير الدراسات تلك إلى أنه في مجتمعات الغرب يبدأ الشباب بتناول مواد تعتبر مقبولة اجتماعيا عندهم مثل البيرة والخمر، ثم إن عددا منهم سوف يبدؤون بعدها بتعاطي المخدرات.
وهناك نتيجة بحثية مدهشة حول العلاقة بين التدخين/ والكحول تشير إلى أن الذين يبدؤون بالتدخين فمن المحتمل أن يستخدموا خمورا قوية، لكن الذي يبدأ بشرب خمور فمن غير المحتمل أن يبدأو تدخين السجائر.

"وهكذا في حين أن الشرب يمكن أن يستمر دون التدخين، لكن التدخين إلى حد ما دائما متبوع بشرب الخمر القوي. والاستخدام المزدوج للسجائر والخمر القوي مرتبط بالدخول إلى عالم المخدرات الممنوعة. وقال احد الباحثين الذي أجرى دراسة تتبعية حول تعاطي المراهقين للمخدرات "إن تعلم تدخين السجائر هو تدريب ممتاز لتعلم تدخين الماريونا (الحشيش) حيث إن تدخين الماريونا إلى حد ما دائما يبدأ بتدخين السجائر (Johnston, 1996).

لكن هذا لا يعني فقدان الأمل لكسر دائر التعاطي هذه. فبالإمكان التدخل والتوعية وكسر هذه الحلقات المتتابعة وحماية الشباب من السقوط في مستنقع المخدرات السحيق. لكن الأمر الهام هنا، يكمن في الوعي بالسلوكيات التي تعتبر فاتحة ومقدمة لسلوكيات أسوأ. فالتدخين بين الشباب ينتشر دون اتخاذ خطوات جادة لمنعه أو مقاومته، فإن التساهل مع التدخين سوف يستمر إلى ما هو أصعب وأكثر كلفة.
رفاق السوء:
رفاق السوء هم باب آخر للإدمان وللولوج في عالم المخدرات البغيض. ويأتي خطر رفاق السوء من أن تأثيرهم يتزايد في مرحلة يكون الشاب فيها قابلا للتأثر خاصة في مرحلة النماء/ المراهقه وفي حالات ضعف الترابط الأسري.
كذلك يزداد تأثير رفقاء السوء عندما تكون شخصية الشاب/ المراهق، هشه وعناصر المقاومة لديه ضعيفة، ولا يستطيع أن يقول لا، أو أن يجاهر برأيه، ويمتنع عن الانزلاق وراء محاولات الإغراء والإفساد.
لهذا وجب الاعتناء بتحسين العلاقة بين الوالدين وأبنائهم، وتوفير احتياجاتهم النفسية والعاطفية وكذلك المادية وعدم فتح المجال أمامهم للبحث عن التعويض خارج الأسرة.
ينبغي كذلك التعرف إلى أصدقاء الأبناء ورفاقهم، وتعرف كيفية قضاء أوقاتهم. أي يلزم إشراف واع من الأهل وعدم إهمال الأبناء، وجعلهم يدخلون في عالم الانحراف، ثم يأتي الوعي متأخرا، ويكون الخطر قد حصل.
مكافحة المخدرات :
تدل الدراسات والتقارير والأبحاث على مستوى العالم على أن مشكلة تعاطي المخدرات في ازدياد رغم الجهود الدولية لمكافحتها. فيبدو أن عصابات التهريب من القوة بحيث إنها تتغلب على كثير من الحواجز وقوى المكافحة. وهي بما تملكه من مال وقدرة على تسييل أموالها الحرام قادرة على التاثير والإفساد الكبير والاستمرار في ترويج بضاعتها الآثمه.
فهناك قناعة علمية وواقعية تدعو إلى التوجه في مكافحة المخدرات إلى جمهور المتعاطين. أي حيث إن الجهود لم تنجح في كبح قوى
"العرض" فإن البديل الأنسب هو العمل على تقليل "الطلب" على المخدرات. وعملية تقليل الطلب تستلزم التوعيه والإرشاد، والوقاية بشكل رئيسي.
تتنوع سبل مواجهة المخدرات تبعا للمستوى الذي يتم فيه العمل. فحيث إن مشكلة المخدرات هي مشكلة متعددة المستويات وتكاد تكون نموذجا للمشكلات التي تشغل جميع مستويات النظام الاجتماعي الإنساني فهي تمثل ظاهرة عالمية محلية مجتمعية فردية في آن واحد. لهذا كان لا بد من مواجهتها في جميع هذه المستويات المتراتبة.
البعد العربي والدولي لمكافحة المخدرات
إن مكافحة المخدرات تقتضي العمل في مستويات متعددة من النشاطات فحيث إن المشكلة عالمية فلا بد أن يتم التعاون الدولي لأجل منع إنتاجها وتهريبها واستهلاكها. لهذا الأمر توجد اتفاقيات ومنظمات ونشاطات عالمية تعنى بهذا الأمر، وتسعى لأجل وقف إنتاج وتوزيع المخدرات. وحيث إن المخدرات أصبحت سلعة اقتصادية ومصدر ثروة حرام للعديد من الأشخاص والمنظمات الشريرة فإن المكافحة يجب أن تتوجه نحو جميع عناصر وعمليات ومناشط الإنتاج والتوزيع والاستهلاك. وأن تعمل بجميع منافذها ومساربها بحزم وإخلاص. على كل رغم الجهود الدولية فإن مشكلة تهريب المخدرات وتوزيعها تخطت كل الحواجز وواصلت عمليات الإفساد والتخريب للأجيال الشابة. هذا يعني أن قوى الشر والإفساد لا تزال تمتلك من التأثير الشيء الكثير، ربما مكنها ما تملكه من مال وثروة في بعض الأحوال والدول أن تمتلك من القدرات البشرية والمادية والتكنولوجيا المتقدمة ما لم تملكه تلك الدول.
هذا لا يعني خسارة المعركة مع شياطين المخدرات، ولكن يشير إلى أنه لا بد من العمل المحكم الجاد وعلى جميع المستويات.
وعلى هذا فإن عمليات مكافحة المخدرات ومكافحة عصابات الإجرام هي مسؤولية عالمية، ينبغي أن تشترك فيها جميع دول العالم ومنظماته الدولية. وهذا بالفعل ما يحصل، وتوجد العديد من المنظمات والنشاطات والمبادرات التابعة للأمم المتحدة التي تهتم بمكافحة المخدرات وما يرتبط بها من قضايا ومنها:
برنامج الامم المتحدة الدولي لمكافحة المخدرات (UNDCIP) وقسم المخدرات في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (INTERPOL) والهيئة الدولية لمراقبة المخدرات (INCB) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة العمل الدولية (ILO) ومنظمة الأغذية والزراعة الدولية (FAW) والمجلس الدولي لمكافحة الإدمان على الكحول والمخدرات (ICAA). كذلك صندوق برنامج الأمم المتحدة الدولي لمكافحة المخدرات والوقاية منها (UNFDAC)، والذي يختص بدعم البلدان التي تعاني من مشاكل زراعة المخدرات أو الاتجار فيها أو تعاطيها. (انظر صالح السعد) المخدرات أضرارها وأسباب انتشارها (1991).
أما على المستوى العربي فيوجد تعاون أمني وثيق بين جميع الدول العربية. ويكاد يكون مجلس وزراء الداخلية العرب من أنجح الهيئات العربية العاملة، فالمجلس بجهازه الفني والمتمثل بأمانته العامة ومكانته المتخصصة وجهازه العلمي المتثل في المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، يشكل إسهاما عربيا كبيرا في هذا الحال (صالح السعد 1997).
كذلك المجالس العربية الوزارية الأخرى، كل يقوم بجهد في زاوية اختصاصه مثل (مجلس وزراء الصحة، مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية، المنظمة العربية وغيرها).
وإن المؤسسة العربية الجديرة بالاعتبار والتقدير لجهودها المتميزة هي أكاديمية الأمير نايف للدراسات الأمنية بالرياض، (المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب سابقا). وهذا الصرح العلمي أسهم ويسهم بشكل علمي منتظم في دراسة ظاهرة المخدرات، وانتشارها" وما يتعلق بها من قوانين وإجراءات وعمليات، وكذلك يقدم التدريب اللازم للعاملين في أجهزة الأمن العربية لترشيد سبل المكافحة والمعالجة. وقد أنتج المركز عشرات الكتب المتخصصة في هذا المجال وكذلك عشرات البحوث ومئات المقالات العلمية والإرشادية في شأن المخدرات.
مجمل إنتاج المركز ونشاطاته العلمية من مؤتمرات وندوات تشكل ذخيرة علميه متميزة، تساعد كل من يشغله شأن مكافحة المخدرات. ويجد فيها طالب العلم، والمختص الاجتماعي ضالته في المعرفية وأساليب العمل. ويمكن لمن يريد التعرف على الإنتاج العلمي الغزير لأكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية في مجال مكافحة المخدرات أن يراجع مجلة الأمن والحياة عدد 202 ربيع الأول 1420، حيث فيها توثيق موجز لهذا الإنتاج العلمي.

المكافحة الشاملة
ما ينبغي الإشارة إليه بإيجاز هنا أن السلوك الإنساني ليس فعلا أو أفعالا مفتتة. لكنه منظومة متكاملة من السلوكيات والظروف الفردية والاجتماعية والبيئية. وسواء كان العمل إصلاحيا أو علاجيا أو وقائيا فينبغي له تفهم تعقيد السلوك الإنساني، إن الحديث النبوي الشريف التالي "يبين بوضوح منظومة السلوك المرتبط بالخمر. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة، عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له".
فشرب الخمر فعل تشترك فيه هذه الفئات العشرة من الناس، بمختلف مراحل إنتاج وتوزيع واستهلاك الخمور، وما ينطبق على الخمر ينطبق على غيرها من الموبقات والمحرمات مثل بقية المخدرات.
إن جهود المكافحة أو الوقاية ينبغي أن تكون متكاملة ومتساندة ليس بينها تناقض أو تضارب فإذا حرمت الخمر فالطرق الموصلة إليها محرمة كذلك. فلا معنى لمحاربة سلوك وفي الوقت نفسه تسهيل كل الطرق الموصله إليه. ينبغي أن تكون الوسائل والغايات كلها حلالا، عدا ذلك فإن الانحراف والنفاق والتناقض السلوكي ستكون سمات الجيل الذي ينشأ في هذا السياق المعياري المتناقض الذي تتصادم فيه القيم والمعايير والوسائل والأعمال والغايات.
إن تعاطي المخدرات في النهاية هو سلوك، وخيار فردي موجه ومتأثر بعوامل شخصيه واجتماعية محلية ودولية. وعلى هذا فينبغي النظر إلى التعاطي بهذا المنظار السلوكي والبيئي الشامل. والكف عن النظر إليه باعتباره مرضا، والتعامل مع المتعاطي على أنه مريض. من هنا ينبغي إعطاء "علاج" المدمنين مكانه المناسب ليس أكثر، فالعلاج مصطلح طبي يناسب مصطلح "المرض" وتعاطي المخدرات ليست مرضا، بالمعنى الجسدي للمرض. بل هو سلوك منحرف، له أضرار نفسية واجتماعية وطبية.
نرى أن للمقاومة والمكافحة الناجحة لإدمان المخدرات إضافة إلى الجهود الدولية والوطنية لا بد من العمل على مستوى المجتمع المحلي والأسر والأفراد. يقترح مصطفى سويف قائلا "… هل آن الأوان لكي يفكر المسؤولون في مصر وفي بقية الدول العربية جميعا في إنشاء مركز بحوث لحوادث المرور، يلحق بالإدارة المركزيه للمرور، يكون من يبن مهامه توقيع الفحص المعملي على السوائل البيولوجية تؤخذ فورا من قائدي المركبات حال تورطهم في الحوادث لمعرفة ما إذا كانوا واقعين تحت تأثير أي مخدر لحظه وقوع الحوادث.
ويضيف أيضا: هل آن الأوان كي يخطط من الآن ليصبح فحص السوائل البيولوجية جزءا لا يتجزأ من إجراءات الضبط حال وقوع جرائم العنف؟ هكذا تكون العلاقة بين العلم والعمل.
العلاج
يمثل هذا الجانب البعد الطبي للمشكلة، وهو يهتم بإزالة سمية المخدرات من جسد المتعاطي. ومعالجة الأعراض الانسحابية الجسدية والسلوكية التي تنتج عن ذلك. ودون خوض في التفاصيل يمثل هذا العلاج جانبا هاما في التعامل مع التعاطي بشكل آني، لكنه لا يمثل كل ما يجب عمله. فالعلاج الطبي أحد الجوانب وليس كلها وقد التبس على كثيرين تفسير مشكلة تعاطي المخدرات، على أنها مشكلة جسدية، وأن التعاطي هو نتاج ميول حيوية جينية عند المتعاطي. وهذا التفسير القاصر له جوانب سلبية كثيرة، حيث إنه يحصر المشكلة في شخص المدمن أو المتعاطي، وبالتالي يتم إهمال أو غفال جوانب المشكلة الاخرى. ويسرنا انه بدأت تتضح رؤى التكامل في تفسير مثل هذه المشكلات الاجتماعية. ومن ثم الادراك القويم لمستويات العمل اللازمة المتنوعة وما تستلزمه من عمل فرق العمل المتعددة المتساندة.


التعرف إلى سمات المتعاطين وسلوكياتهم
إن تعاطي المخدرات والإدمان عليها هو سلوك اجتماعي فردي يتم اكتسابه بالتدريج وإن الوقوع ضحية للمخدرات لا يأتي فجأة بل هو عملية مستمرة تبدأ من انحراف أو خطأ بسيط بتقبل تجريب المخدرات بدافع حب الاستطلاع أو بضغط من رفاق السوء. لكن دورة التعاطي هذه تستمر، وتأخذ ضريبتها من سلوك المتعاطي وعلاقاته الاجتماعية ووضعه الصحي.
ونذكر في ما يلي مجموعة من السمات أو الخصائص التي يمكن أن تكون مفتاحا للتعرف على شخص يتعاطى المخدرات، أو يقع تحت ضغط رفاق السوء وسلوكهم المشين.

- احتقان العينين وزوغان البصر
- الضعف والخمول وشحوب الوجه
- الانطواء والعزلة
- الاكتئاب
- السلوك العدواني
- التعب والإرهاق عند بذل أقل مجهود بدني
- العلاقات السيئة مع الأصدقاء
- كثرة التغيب عن المؤسسة التعليمية
- السرقة
- كثرة التغيب عن البيت
- النوم أثناء الدروس والمحاضرات
- الخداع والكذب
الوقاية
إن الوقاية وبناء الحصانه الذاتية والمجتمعية هي أفضل إستراتيجية لمواجهة المخدرات على المستوى بعيد المدى. ووضعنا الوقاية في نهاية المطاف، استشعارا لأهميتها، وتنبيها على ضرورة أن تكون في صدارة الاهتمام. إبراز معلومات حقيقية ومتوازنه حول المخدرات. فيها ترهيب من الاستخدام والتعريف بمضار المخدرات، وكذلك ترغيب بالامتناع والمقاومه وعدم الخضوع لقوى الضلال.
وهنا نشير إلى منحى إصلاحي تعزيزي مع الشباب يقوم على بناء وتعزيز قدرات الشباب الفكرية والاجتماعية والسلوكية، وتنمية ثقتهم بأنفسهم، وتبصيرهم بدورهم الاجتماعي العام، وتسهيل سبل الإنجاز والإسهام لهم. ينبغي أن تزداد ثقتنا بالشباب والأطفال، وأن نساعدهم في زيادة ثقتهم بأنفسهم. لا بد من الإسهام في تنشئة جيل قوي واثق من نفسه، يسعى أكثر نحو تحقيق إنجازات إيجابية، وليس مرهوبا أو مسكونا بالخوف، من ارتكاب أخطاء أو التعرض لمخاطر أو الوقوع فريسة أو ضحية لآخرين. فبدلا من أن يرى الشباب الحياة مجموعة من المصائد والمكائد، أو المخاطر والمآزق يراها منظومة من الفرص والتحديات والعتبات التي يتجاوزها ويكتسب في كل خطوة قوة أكثر واعتزازا أكثر واندفاعا أسرع نحو آفاق أعلى من الإنجاز.
هنا نشير إلى عدد من المقترحات، المعززة لعناصر المناعة لدى الشباب قد تبين لنا أن ضعاف الشخصية والذين لا يعرفون أن يقولوا لا، أو يرفضوا إغواء أصدقائهم، أو الذين هم في مأزق ومشاكل اجتماعية أو تعليمية ولا يمتلكون مهارات التعامل معها، أو حلها مثل هؤلاء هم أكثر عرضة للوقوع فريسة للمخدرات من غيرهم من الناس.
تمكين الشباب وتعزيز قدراتهم:
إن من أفضل الأشياء التي يمكن عملها لتعزيز قدرات الشباب وجعلهم يتخذون قرارات ذكية تجاه المخدرات بما فيها التدخين. هي تمكينهم واحترامهم، وتعزيز فرصهم في المشاركة والإسهام الإيجابي في خدمة أنفسهم، وأسرتهم ومجتمعهم.
العمل مع الأسرة
في منظومة المكافحة الشاملة للمخدرات ينبغي أن يكون للأسرة دور فاعل ومعتبر. فالأسرة تمثل خط الدفاع والحصانة الاجتماعية
الأولى والأبرز. لهذا تكون جهود المقاومة أو المكافحة ناقصة وعرضة للفشل إن لم تكن الأسرة واحدة من أركان هذه الجهود ونشير هنا بإيجاز إلى ما يجب عمله مع أسر المتعاطين وما يجب أن تعمله هذه الأسر.
ابتداء نقول إن طبيعة السلوك داخل الأسر وخاصة سلوك الوالدين لها تأثيرات كبيرة على بقية أفراد الأسرة. وأول ما ينبغي تأكيده هنا هو القدوة والمثال الذي يمثله الوالدان لا بد أن يكونا القدوة في السلوك قولا أو فعلا. إن دراسات التعاطي تبين أن الاطفال الذين يعشيون في أسر يوجد فيها متعاط خاصة أحد الوالدين تكون احتمالية التعاطي أكبر. فأول حصن للوقاية هو القدوة الحسنة من قبل الوالدين وبقية أفراد الأسرة.
يتضح من عدد من الدراسات والبحوث العلمية حول السلوك المنحرف أن لطبيعة ممارسات الوالدين أثرها على ذلك السلوك. فقد لا يحسن الوالدين تربية الأبناء، او يتصف أسلوب معاملاتهم بالقسوة أو العنف أو التسيب والتدليل. أو قد يتسم جو الأسرة بالشحناء والتباغض، والقول السيئ. إن الإيذاء اللفظي بالسب أو اللعن أو الإهانة أو وصف الأطفال بصفات مكروهة في هذا قتل لنفسياتهم وشخصياتهم. وما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أهمية توعية الوالدين وتبصيرهم وتدريبهم على مهارات الأبوة والأمومة، وحسن التعامل مع آبائهم، خاصة مع الأطفال في سن النماء والتنشئة والتغيرات الجسدية والعاطفية. ما تسمى مرحلة المراهقة حيث إن سوء معاملة الأسرة قد يدفع الأبناء إلى مصادر التوجيه والاهتمام خارج الأسرة، حيث رفاق السوء وقناصو الانحراف.
ينبغي أيضا في الجهات المهتمة والمسؤولة أن تساعد الأسر التي فيها متعاط، حيث إن الظروف الاقتصادية والاجتماعية السلبية قد تكون عبئا ثقيلا على هذه الأسر فلا تسمح لها بتقديم الرعاية المناسبة لأطفالها. فلا نتوقع أن تؤدي الأسرة دورها، وهي في ضائقة مالية، أو في ورطة اجتماعية، فلا بد من حل مشكلات هذه الأسر أو مساعدتها في حل مشكلاتها، وإكسابها أساليب أفضل للتعامل والتواصل. وكذلك إكسابها قدرات ومهارات تساعدها في تحسين اقتصادياتها وارتباطها بالمجتمع.
وبإجمال ينبغي رفع الكفاءة الاجتماعية للأسرة من حيث توثيق ترابطها مع المجتمع المحلي، ومؤسساته وموارده، وتحسين علاقتها بالجوار، وجعل الجوار منظومة متساندة متعاضدة فهي تعمل جميعها في سبل تحقيق مصالحها كلها، ومواجهة ما يعترضها من مصاعب.
وأمر هام ينبغي الالتفاف إليه وهو أن يكون التركيز في العمل الأسري على كامل الأسرة، وليس على الفرد المتعاطي. فالتركيز على المتعاطي فيه استحياء للمشكلة وجعلها في دائرة الضوء باستمرار وبالتالي جعل المتعاطي هو المشكلة المستمرة.
لكن التركيز على الأسرة يجعل الاهتمام أوسع، ويجعله منهجيا نحو تحقيق تغييرات إيجابية إصلاحية في بناء الأسرة. وما يجعل إصلاح المتعاطي نتيجة طبيعية لهذه الجهود، ومنها إشعار له بطبيعتها وليس بإشكاليته وسوء صنعه. أي ينبغي أن يتم بناء وصناعة بيئة صالحة مقاومة للانحراف، وفي الوقت نفسه مساندة للمخطيئن ليقلعوا عن خطئهم طوعا وبالتدريج
بداية الاهتمام بالعلاج
على الرغم من أن تعاطى المخدرات هو من المشكلات القديمة في عالمنا العربي فإن التفكير فى علاج المدمنين لم يظهر عندنا إلا بعد أن قرر المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة عام 1958 أن يدعو إلى عقد مؤتمر لإقرار اتفاقية وحيدة للمخدرات، من أجل استبدالها بالمعاهدات المتعددة الأطراف التي كانت قائمة فى ذلك الوقت. وقد بلغ عدد الدول العربية التي شاركت فيه سبع دول هي الأردن وتونس ومصر وسوريا والعراق ولبنان والمغرب. وثمانى دول إسلامية هي أفغانستان والبانيا وإندونيسيا وإيران وباكستان والسنغال

وتركيا ونيجريا، أي خمس عشرة دولة عربية وإسلامية من إجمالي 73 دولة حضرت المؤتمر الذي أصدر عدة قرارات من بينها القرار الثاني الخاص بمعالجة مدمني المخدرات والذي كان نصه:
"إن المؤتمر اذ يشير إلى أحكام المادة 38 من الاتفاقية المتعلقة بمعالجة مدمني المخدرات وتأهيلهم:
1- يعلن أن معالجة المدمنين في المستشقيات فى جو خال من المخدرات هو من أنجع وسائل المعالجة.

2- يحث الدول الأطراف التي يشكل فيها إدمان المخدرات مشكلة خطيرة على توفير هذه المرافق، فيما لو سمحت مواردها الاقتصادية بذلك".

كذلك أجاز البروتوكول الصادر فى 25 مارس/آذار 1972 المعدل للاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 للدول الأطراف أن تستبدل العقوبة التي نص عليها القانون بالنسبة لمتعاطي المخدرات بتدابير تخضعه لإجراءات العلاج والتعليم والتأهيل والرعاية الاجتماعية (المادة 14).
كما جاء فى المادة (15) أن على الدول الأطراف أن تهتم باتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية من سوء استخدام العقاقير المخدرة، وأن تعمل على علاج المدمنين وإعادة تأهيلهم مهنيا واجتماعيا حتى يعودوا للمجتمع أفرادا صالحين قادرين على العطاء.

وهكذا يكون البروتوكول قد أكد أن الجهود لا يجب أن تقتصر فقط على التأثير في عرض المواد المخدرة، بل يجب أن يؤثر والقدر نفسه في الطلب عليها.
وهو نفس ما حرصت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية حيث أجازت للدول الأطراف أن تطبق على المتعاطي -بدلا من العقوبة- تدابير أخرى مثل العلاج أو الرعاية اللاحقة أو إعادة التأهيل بهدف إعادة دمجه فى المجتمع (المادة الثالثة فقرة رقم 3- ب، ج، د)
وعلى المستوى العربي صدرت الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية سنة 1994 وقد جاء بالمادة الثانية منها فقرة 3-ج أنه يجوز بالنسبة للمتعاطين استبدال العقوبات بتدابير أخرى مثل التوعية والعلاج وإعادة التأهيل وإدماجهم فى المجتمع والرعاية اللاحقة لهم.
وبتوقيع الدول العربية على الاتفاقيات والبرتوكولات الخاصة بالمخدرات والمؤثرات العقلية بدأ اهتمامها بتطبيقها وخاصة فيما يتعلق بمعاملة المدمنين.
العلاج
علاج الإدمان متعدد الأوجه فهو جسمي ونفسي واجتماعي معا بحيث يتعذر أن يتخلص الشخص من الإدمان اذا اقتصر على علاج الجسم دون النفس أو النفس دون الجسم أو تغاضى عن الدور الذي يقوم به المجتمع في العلاج.
ويبدأ العلاج في اللحظة التي يقرر فيها الشخص التوقف عن تعاطي المخدرات. ومن الأهمية بمكان أن يكون هو الذي اتخذ القرار بالتوقف ولم يفرض عليه وإلا فإنه لن يلبث أن يعود إلى التعاطي في أول فرصة تسنح له. وهنا يثور تساؤل حول القرار الذي يصدره القاضي بإيداع الشخص الذى قدم إلى المحكمة، وثبت لها أنه مدمن، لإحدى المصحات ليعالج فيه لمدة معينة والذي يبدو بجلاء أنه ليس هو الذي اتخذه وبإرادته وإنما فرضته عليه المحكمة وهل يرجح ألا يستجيب للعلاج ولا يلبث أن يعود إلى التعاطي؟ نعم من المرجح أن يحدث ذلك، وهو ما أكدته الدراسات التي أجريت على عينة من المدمنين الذين تم ايداعهم المصحات لتلقي العلاج وتبين أنهم استمروا في تعاطي المخدرات أثناء وجودهم فيها وبعد خروجهم منها.
كذلك المدمنون الذين تلح عليهم أسرهم ليدخلوا المصحات لتلقي العلاج فلا يملكون إلا الموافقة يعد طول رفض، فإنهم لا يتوقفون عن التعاطي أثناء إقامتهم بالمصحات وإلى أن يغادروها وقد فشل العلاج ولم تجن أسرهم غير الخسارة المالية الفادحة والمتمثلة في ما أنفقته على علاج غير حقيقي بالإضافة إلى المبالغ الكبيرة التى حصل عليها المدمن لإنفاقها على المخدر الذى أدمن تعاطيه.
وبالمقابل نرى المدمن الذي اتخذ قراره بالتوقف عن التعاطي، من تلقاء نفسه ودون ضغط من أحد، يقاوم بإصرار حالة الانسحاب التي تعتريه ويتحمل ما تسببه له من آلام مستعينا بما يعتقد أنه يساعده على المضي فيما قرره كالصلاة والصوم وضروب العبادة الأخرى فضلا عن وسائل العلاج البدني والنفسي. وهو ما لاحظناه في الحالات التي حالفها التوفيق.
لذلك لم يكن غريبا أن تكون نسبة الذين لم يفلح معهم العلاج وعادوا إلى الإدمان 64% من العدد الإجمالي لمن دخلوا المصحات للعلاج.
بعد أن يلمس الطبيب رغبة المدمن في العلاج وسعيه إليه يبدأ في البحث عما إذا كان قد سبق له أن تلقى علاجا أم لا، لاحتمال أن يكون للعلاج الذي تلقاه أثر ولكنه لا يظهر إلا متأخرا، وهو ما يجب أن يأخذه بعين الاعتبار، خاصة بعد ما تبين من أن أطول البرامج العلاجية وأحسنها تنظيما أسفرت عن نتائج لم يكن من الممكن التنبؤ بها.
كذلك من الأهمية بمكان التعرف على شكل العلاقة بين المدمن وبيئته الاجتماعية لعلاقة ذلك بالنتيجة التي سينتهي إليها العلاج من حيث النجاح أو الفشل، فالأشخاص الذين يتلقون دعما اجتماعيا أو أسريا يتوقع لهم أن يتحسنوا أكثر من هؤلاء الذين لا يتلقون مثل هذا الدعم.
وباختصار فإن المشكلة التى تعترض طريق تقدير العلاج هي تحديد ما الذي يحاول ذلك العلاج تحقيقه ولدى أي نوع من الأفراد. وبغض النظر عن طرق العلاج وأساليبه فإن تعاون المدمن مع من يقومون بعلاجه من أجل الشفاء من الإدمان يلعب دورا بالغ الأهمية في حدوث ذلك. غير أنه كثيرا ما يحدث أن من يتعاطون المخدرات أنفسهم يقاومون العلاج، وأنهم ولأسباب غير مفهومة لا يرغبون فى الإقلاع عن الإدمان أو تلقي المساعدة وكثيرا ما قيل، بدرجة كبيرة من الاطمئنان، أنه لا يوجد شيء يمكن لأي شخص أن يعمله إذا لم يرد المدمن أن يساعد نفسه.
لذلك يجب أن يحاط المدمن علما، منذ البداية، بالاحتمالات المختلفة سواء منها المصاحبة للعلاج أو التالية له حتى إذا لم يتحقق النجاح المنشود لم يصب بخيبة أمل كبيرة أو يفقد ثقته في المعالج. كما يجب أن يكون واعيا بدوره فى نجاح العلاج وفشله وأن النجاح ليس فوريا أو سريعا بالضرورة بل هو يحتاج لبلوغه إلى قدر كبير من الصبر والتحمل. وحتى قبل أن يتقدم المدمن لتلقى العلاج فإن سعيه التلقائي إلى الشفاء من الإدمان أو الإقلاع التام عن التعاطي يجب أن يقترن لديه بالاعتقاد بوجود احتمال راجح لشفائه وهو ما يفوق في القيمة والأثر العلاج الطبي المتسم بالرعونة وعدم التعاطف أو المبالغة في التعاطف كأن يحاول الطبيب أن يعالج المدمن بتقديم مخدرات بديلة للمخدر الذى يدمنه وهو تصرف من شأنه أن يجعل التخفيف التلقائي من التعاطي أقل احتمالا لأن يتحقق، وفي أسوأ الاحتمالات يكون مصدرا لمدد قاتل من المخدرات السامة.
وبطبيعة الحال فإننا لن ندخل في تفاصيل العلاج وذلك لسببين، الأول لأنه يختلف من شخص إلى آخر، والثاني لأنه يشتمل على جهود عديدة طبية ونفسية واجتماعية بينها درجة عالية من التشابك تحتاج من أجل أن تحقق النتائج المنشودة إلى علم وخبرة وإيمان المختصين بالإضافة إلى تعاونهم مع المدمن ومع أسرته وكل من يهمهم أمره وتعاون هؤلاء معهم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hanichat.forumalgerie.net
 
بحـوث حــول المخــدرات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحث حــول صلاة الجمـاعــة
» بحــث حــول الحجـــاب
» بحث حــول أحداث متفرقــة
» بحث حــول أبــو القاســم سعد الله
» بحث حــول مجــازر الثــامــن مـــاي 1945 في الجزائــــر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى خروبي سليمان :: الفئة الثالثة :: منتدى التربية والتعليم :: منتدى البحوث :: بحوث باللغة العربية-
انتقل الى: