منتدى خروبي سليمان
مرحبا بزوار منتدى خروبي سليمان
منتدى خروبي سليمان
مرحبا بزوار منتدى خروبي سليمان
منتدى خروبي سليمان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى خروبي سليمان

منتدى ديني ثقافي تعليمي وترفيهي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بحث حول العولمة وتحدياتها بامراجع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
kherroubi
Admin



المساهمات : 721
تاريخ التسجيل : 19/11/2011
الموقع : Chlef

بحث حول العولمة وتحدياتها بامراجع Empty
مُساهمةموضوع: بحث حول العولمة وتحدياتها بامراجع   بحث حول العولمة وتحدياتها بامراجع Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 05, 2012 7:53 am



العولمة وتحدياتها:


بحث حول العولمة وتحدياتها بامراجع Down



انطلاقاً من كون النظام التربوي والتعليمي لأي دولةٍ يُعد الركيزة الأساسية في سباق التقدم بين الأُمم ، وسلاحٌ فاعلٌ في مواجهة تحديات المستقبل ؛ فإن استقلال ذلك النظام عن المؤثرات الفكرية السالبة التي تتعارض معه ضرورةٌ يفرضها ما يعيشه العالم اليوم من تغيراتٍ وتطوراتٍ في المجال التربوي والتعليمي على وجه الخصوص ، ولا سيما تلك التحديات التي يواجهها نظامنا التربوي والتعليمي في المملكة العربية السعودية . وحيث إن من أبرز هذه التحديات ما يُسمى بالعولمة التي - تسعى ضمن ما تسعى إليه - إلى محاولة إلغاء هوية الإنسان المسلم الثقافية ، وطمس معالم تربيته الإسلامية وفصلها عن أصولها الثابتة ومصادرها الخالدة ؛ من هنا فإن الحاجة تدعوا إلى التفاعل الإيجابي معها طمعاً في تحقيق الفوائد المرجوة من معطياتها الحضارية التي لا غنى عنها لتطوير النظام التربوي والتعليمي ؛ مع الأخذ في الاعتبار أن يتم ذلك التفاعل مع العولمة بصورةٍ وكيفيةٍ تُحافظ على معالم أصولنا الثقافية ، وتؤكد ملامح هويتنا الإسلامية المتميزة في مختلف المجالات الحياتية .
وقد تمثلت مشكلة الدراسة في محاولة الوقوف على ماهية وحقيقة العولمة و أهم معالمها . وتعرُّف الكيفية التي يمكن - من خلالها - للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية تأكيد الهوية الإسلامية . وتسليط الضوء على أهم المقترحات الكفيلة بتطوير هذا النظام في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟
ومن خلال الإجابة على تساؤلات البحث تم التوصل إلى عددٍ من التوصيات التي منها :
ضرورة التمسك التام بالهوية الإسلامية المُميزة التي ينفرد بها النظام التعليمي في المملكة عن غيره من الأنظمة التعليمية المُعاصرة . و تنمية الوعي الإسلامي الصحيح والمتفاعل إيجابياً مع المعطيات الحضارية التي أفرزتها العولمة في شتى المجالات العلمية والتقنية وغيرها . والحرص على إيجاد الأُنموذج أو التصور الإسلامي المُقترح لهيكل النظام التعليمي المُستمد من مُعطيات تُراثنا الفكري الإسلامي الصحيح . والاستمرار في تقييم وتطوير خطط وبرامج النظام التعليمي في المملكة سواءً فيما له علاقة بالأهداف ، أو المحتويات المنهجية ، أو أساليب التدريس ، أو آليات التقويم ، أو آليات التدريب ، أو


مقدمة :
تسعى كثيرٌ من دول العالم وبخاصةٍ الدول الإسلامية باذلةً كل جهودها لتضييق الفجوة المعرفية الآخذة في الاتساع بينها وبين الدول المتقدمة ؛ ولا سيما في ظل التغيرات الحضارية المتسارعة والتطورات المعرفية المتلاحقة ، التي يعيشها العالم المعاصر والتي أدت إلى ظهور ما يُسمى بالعو لمة .
وحيث إن النظام التربوي والتعليمي لأي دولةٍ يُعد ركيزةً أساسيةً في سباق التقدم ومواجهة تحديات المستقبل ؛ فإن النظام التربوي والتعليمي في المملكة العربية السعودية يواجه كثيراً من التحديات المُعاصرة التي يأتي من أبرزها ما يُسمى بالعو لمة التي - تسعى ضمن ما تسعى إليه - إلى إلغاء هوية الإنسان المسلم الثقافية ، وطمس معالم تربيته الإسلامية وفصلها عن أصولها الثابتة ومصادرها الخالدة " فالإنسان العولمي وفقاً للعولمة الرأسمالية مطالبٌ بنسيان الماضي بكل جذوره الثقافية ومنها الدين ، فالماضي بما يحمله من خصوصيةٍ ثقافيةٍ عبءٌ على العولمة الرأسمالية " ( 14: 124 )*. وهو أمر يتعارض بالكلية مع مفهوم التربية الإسلامية التي يقوم عليها النظام التربوي والتعليمي في المملكة ، والذي نصت عليه المادة الأولى في وثيقة التعليم الصادرة من اللجنة العليا لسياسة التعليم في المملكة مؤكدةً أن هذا النظام " ينبثق من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدةً وعبادةً وخُلقاً وشريعةً وحكماً ونظاماً متكاملاً للحياة " ( 1 : 293 ) .
ولذلك فقد تباينت ردود الفعل عند كثيرٍ من المفكرين والكُتّاب والباحثين تجاه العولمة باتجاهاتها المختلفة ؛ فالبعض يرفضها على أساس أنها تتنافى مع مبادئ وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ، وتختلف مع أصول وأهداف تربيتنا الإسلامية . والبعض الآخر يرى أن العولمة ليست شراً محضاً في كل جوانبها ، وأنها تشتمل في مجموعها على جوانب إيجابيةٍ وأُخرى سلبية ؛ وهذا يعني أن علينا قبولها والأخذ بمعطياتها الإيجابية نحو الرقي والتقدم ، ورفض ما كان منها سلبياً أو متعارضاً مع ثوابتنا الخالدة .
وحيث إن ما يعيشه العالم اليوم من تغيراتٍ وتطوراتٍ في المجال التربوي والتعليمي على وجه الخصوص يفرض عدداً من التحديات على نظامنا التربوي والتعليمي في المملكة العربية السعودية ؛ فإن الحاجة تدعوا إلى التفاعل الإيجابي معها طمعاً في تحقيق الفوائد المرجوة من معطياتها الحضارية التي لا غنى عنها لتطوير النظام التربوي والتعليمي بصورةٍ وكيفيةٍ تُحافظ على معالم أصولنا الثقافية ، وتؤكد ملامح هويتنا الإسلامية المتميزة في مختلف المجالات الحياتية .
من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة للوقوف على ماهية وحقيقة العولمة و أهم معالمها . وتعرُّف الكيفية التي يمكن - من خلالها - للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية تأكيد الهوية الإسلامية في ظل تحديات العولمة المعاصرة . وتسليط الضوء على أهم المقترحات الكفيلة بتطوير هذا النظام في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟
مشكلة الدراسة :
تتحدد مشكلة الدراسة الحالية في الإجابة على التساؤلات التالية :
( 1 ) ما هي العولمة ؟ وما أبرز معالمها ؟
( 2 ) كيف يمكن للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية تأكيد الهوية الإسلامية في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟
( 3 ) ما أهم المقترحات لتطوير نظام التعليم في المملكة العربية السعودية في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟



منهج الدراسة :
تعتمد هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي الذي يُمكن من خلاله وصف وجمع البيانات المتعلقة بالنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية ، وتحليلها للوصول إلى بعض الاستنتاجات التي يُمكن من خلالها توظيف معطيات الماضي والحاضر لمواجهة تحديات المستقبل في ظل النظام العالمي الجديد .
أهداف الدراسة :
تتمثل أهداف الدراسة فيما يلي :
( 1 ) تعرُّف ماهية العولمة وأبرز معالمها .
( 2 ) الوقوف على الكيفية المقترحة التي يمكن للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية من خلالها تأكيد الهوية الإسلامية في ظل تحديات العولمة المُعاصرة .
( 3 ) تعرُّف أهم المقترحات التي يُمكن من خلالها تطوير نظام التعليم بالمملكة العربية السعودية في ظل تحديات العولمة المعاصرة .
( 4 ) طرح بعض التوصيات المقترحة التي يمكن من خلالها للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية مواجهة تحديات العولمة المُعاصرة .
الدراسات السابقة :
* الدراسة الأولى : دراسة ( محمد محمود مندورة ، 1410هـ / 1989م ) ، بعنـوان " إعداد المدرسين للتدريس في العصر المعلوماتي " .
وقد هدفت الدراسة إلى وضع تصورات واضحة حول المناهج والبرامج الدراسية التي تتطلبها عملية إعداد المدرسين للتدريس في العصر المعلوماتي .
وقد توصلت الدراسة إلى ما يلي :
1 ) ضرورة إعداد كليات التربية وإعداد المعلمين لمدرسي الحاسب إعداداً سليماً .
2 )ضرورة إكساب مدرسي المقررات الأُخرى المهارات اللازمة لاستخدام الحاسب بكفاءة كوسيلة تعليمية .
3 ) وضع بعض الأُسس والمتطلبات اللازمة لتأهيل وإعداد المدرسين في العصر المعلوماتي .
* الدراسة الثانية :دراسة ( عصام الدين هلال، 1997م ) ، بعنوان " التربية بين الكونية والخصوصية الثقافية – قراءة تربوية في الجدل بين العولمة الشمولية والعولمة الديموقراطية " .
وقد هدفت الدراسة إلى الإجابة عن التساؤلات التالية :
1 – ما الكونية ؟
2 – ما الخصوصية الثقافية ؟
3 – ما الأهداف الحاكمة للتربية في المجتمع المصري على ضوء كلٍ من الكونية والخصوصية الثقافية ؟
وقد توصل الباحث إلى :
1 – تحديد مفهوم العولمة في أنه مصطلحٌ يُلَخِصُ حركة العالم عامةً وخاصةً ، إذ أن مشوار البشرية منذ عام 1957م قد حوَّل العولمة إلى ظاهرة رأسمالية أمريكية ارتبط بعدة أحداثٍ ايكولوجية واقتصادية وسياسية وسكانية .
2 – إن التربية في سياق العولمة الحالية نوعان هما : تربية العام بغير خاص : وهي التربية وفقاً للاستراتيجيات الأمريكية . تربية الخاص في سياق العام : وهي تربية الدول التي لا نرى ثقافتها في سياق العولمة الحالية .
3 - أن العولمة تتجاوز الخصوصية الثقافية دون أن تقضي عليها كليةً ، فهي نتيجةً للتفاعل بين الثقافات العالمية المختلفة ، وحركتها الدينامية . وأن الانغلاق الثقافي الصوري يُمثل انتحاراً لدول العالم الثالث ، ويصبح هدف محو هذه الطبيعة أمرٌ لا فكاك منه .
4 – وضع تصور لاستراتيجية تربوية هامة تتمثل في أن التربية مع العولمة الديموقراطية ، وضد العولمة الشمولية ، وهي تسعى إلى بناء الإنسان العولمي الذي يتصف بأنه :
أ ) إنسان مبدع ومُستثمر ومضيف إلى التُراث كلما استطاع ، ومُحافظ على الخصوصية الثقافية التي تميزه عن غيره .
ب ) إنسان يؤمن بالتقريب بين الثقافات المختلفة ويرفض إزاحة الثقافات المحلية والقومية .
ج ) إنسان يؤمن بأن سلبيات التقدم التكنولوجي في الاتصالات لا يُمكن مواجهتها إلا بتنمية التفكير الناقد لدى الأبناء .
د ) إنسان يؤمن بالتكتلات الاقتصادية وحركة التغير ويقلد تقليداً جدلياً .
هـ ) إنسان يعتز بإسلامه ويفتخر به ، ويسعى لنشره في العالم كله .
الدراسة الثالثة : دراسة ( هدى حسن حسن ، 1999م ) ، بعنوان ( التعليم وتحديات ثقافة العولمة ) .
وقد استهدفت الدراسة ما يلي :
• تحديد السمات الجديدة لما يُعرف بثقافة العولمة .
• الوقوف على التحديات التعليمية والثقافية للعولمة التي تواجهنا مستقبلاً .
• الوقوف على دور التعليم في التعامل الإيجابي مع تحديات العولمة .
وقد توصلت الدراسة إلى أن التعليم يملك القوة والوسائل التي تُحقق إعادة تشكيل وتكوين الشخصية الإنسانية بما يجعلها أكثر كفاءةً للتعامل مع متغيرات العصر ؛ شريطة أن يقوم التعليم على الأُسس والتوجهات التي تكشف عنها يوماً بعد يومٍ البحوث والدراسات التي تُجرى في العلوم التربوية والنفسية أو تلك التي تتصل بها اتصالاً وثيقاً .
الدراسة الرابعة : دراسة ( مريم محمد إبراهيم الشرقاوي ، 2000م ) ، بعنوان ( أساليب تعزيز الهوية في مواجهة الهيمنة الثقافية .. رؤية معاصرة لإدارة التعليم ) .
وقد استهدفت الدراسة ما يلي :
1. تأكيد التميز الثقافي ، والهوية ـ أو الذاتية – الثقافية ، والتعددية الثقافية ، التي لا تنفي الواقع المُشترك والاعتماد المُتبادل للإنسان .
2. التفاعل بوعي مع النظام العالمي الجديد ، للتأثر بالثقافة العالمية والتأثير فيها .
3. وضع منظومة مُناسبة للحفاظ على الهوية الثقافية المصرية .
كما توصلت الدراسة إلى بعض الاستخلاصات التي منها :
• أن هناك أزمةً ثقافيةً معاصرةً تتجلى في أنماط التفكير السائد ، وسيادة الثقافات الرسمية ، وترديد كل ما هو غربي أو أُوروبي ، والابتعاد عن الهوية الذاتية .
• أن التأكيد على الخصوصية الثقافية يحتاج لتبني إدارة التعليم لمجموعةٍ من القيم التي تُحول بين الثقافة القومية وبين الانكماش والانعزال ؛ لتظل متماسكةً مُتفاعلة مع الثقافات الأُخرى .
• أن تكوين هوية ثقافية مُحدَّدة يستلزم من التعليم الاهتمام بالناشئة، وإعداد المعلم ، وإعادة النظر في المناهج الدراسية بما يتمشى مع مُتغيرات العصر .
الدراسة الخامسة : دراسة ( السيد عبد العزيز البهواشي ، 2000م ) ، بعنوان ( التعليم وإشكالية الهوية الثقافية في ظل العولمة ) .
وقد استهدفت الدراسة طرح مجموعة من القضايا المرتبطة بماهية العولمة وحقيقتها وتأثيراتها على الشخصية المصرية ، والوقوف على آليات التعليم لتفعيل هذه الشخصية ، بما يُساعدها على مواجهة تحديات العولمة ، والتفاعل معها .
كما توصلت الدراسة إلى ضرورة انتهاج سياسة تعليمية قوامها :
• المحافظة على الذاتية الثقافية للمجتمع المصري .
• الجمع بين الأصالة والمُعاصرة في مناهج التعليم .
• تغير طرق التعليم التي تقوم على التلقين تغيراً جذرياً .
• إنتاج مناهج تعليمية جديدة .
التعليق على الدراسات السابقة :
من استعراض الدراسات السابقة يتضح أن الدراسة الأولى ركَّزت على عملية إعداد وتأهيل المدرسين لعملية التدريس في العصر المعلوماتي . أما الدراسة الثانية فقد ركَّزت على وضع تصورٍ لاستراتيجية تربوية تتمثل في أن التربية مع العولمة الديموقراطية وضد العولمة الشاملة . وجاءت الدراسة الثالثة لتؤكد أن التعليم كفيلٌ بالتعامل مع مُتغيرات العصر شريطة اعتماده على نتائج البحوث والدراسات المعنية بهذا الشأن . في حين جاءت الدراستان الرابعة والخامسة لتؤكدا على أساليب تعزيز خصوصية الهوية الثقافية من خلال النظام التعليمي ، وضرورة انتهاج سياسة تعليمية تحافظ على الذاتية الثقافية من خلال الجمع بين الأصالة والمُعاصرة ، والعمل على تغييـر طرائق التعليم القديمة بأُخرى جديدة .
أما الدراسة الحالية فتُركِّز على النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية ، وكيف يمكن له تأكيد الهوية الإسلامية المُميزة له عن غيره من الأنظمة التعليمية الأُخرى في العالم ، إضافةً إلى طرح بعض المُقترحات الكفيلة بتطوير هذا النظام التعليمي في ظل تحديات العولمة المُعاصرة مع المحافظة على خصوصيته وهويته المميزة .

** الإطار النظري والدراسة التحليلية :

السؤال الأول : ما هي العولمة وما أبرز معالمها ؟
يمكن الإجابة عن هذا التساؤل من خلال تناول مفهوم مصطلح العولمة ، وتسليط الضوء على أهم معالمها ؛ وهو ما يُمكن الإشارة إليه فيما يلي :
* مفهوم العولمة :
يُعد مصطلح العولمة Globalization من المصطلحات المعاصرة الأكثر جدلاً ، والتي استعملها الباحثون والكُتاب في مجالاتٍ مختلفةٍ شملت السياسة ، والاقتصاد ، والاجتماع ، والتربية ، والتقنية ، والثقافة ، والأدب ، والإعلام ، والبيئة ، وغيرها من المجالات الأُخرى . وعلى الرغم من شيوع استخدام هذا المصطلح مؤخراً حيث كثُر استخدامه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1989م / 1990م ؛ إلا أنه يظل مفهوماً غير مُحدد، وغير مُتفقٍ عليه بين العُلماء والباحثين والكُتّاب ؛ ولعل ذلك راجعٌ في الأصل إلى أن " مصطلح ( العولمة ) الذي ظهر في العقد الأخير في الأدبيات الغربية ، قد عانى من اختلافاتٍ بيِّنةٍ باختلاف اللغات الأُوروبية ، وبتعدد الأُطر النظرية والاتجاهات المُتباينة ، فهي عُرضة للاختلاف والتعارض ، وعرضة للتحول والتغير " ( 20 : 26 ) .
ولعل خير دليلٍ على هذا الاختلاف أن هناك من أطلق على هذا المصطلح اسم ( الكونية ) ، ومنهم من أطلق عليه ( الكَوكَبة ) ، وهناك من يطلق عليه ( العالمية ) أو ( التدويل ) ، في حين يطلق عليه البعض ( الأمرَكَة ) أو ( الغَرْبَنة ) ، إلى غير ذلك . إلا أن استخدام مصطلح ( العولمة ) يُعد من وجهة نظر الكثيرين المصطلح الأكثر شيوعاً والأقرب دلالةً على المعنى المقصود لأن معنى ( عَوْلَمَ ) أي جعل الشيء عالماً واحداً .
أما تعريف العولمة لغوياً فيُشير إليه أحد الباحثين بقوله "فأما العولمة مصدراً فقد جاءت توليداً من كلمة ( عَالَم ) ، ونفترض لها فعلاً هو ( عَوْلَمَ ، يُعَوْلِِمُ ، عَوْلَمةً ) بطريقة التوليد القياسي " ( 10 : 38 ) .
كما أن هناك من يرى أن العولمة تعني : "سيطرة الثقافة الغربية على سائر الثقافات . وسيطرة الثقافة الغربية إنما تعني - بتحديدٍ أكثر- سيطرة الثقافة الأمريكية ، أو ما يُعبر عنه بأمركة العالم ؛ وأمركة العالم هي حقيقةٌ تُعاني منها حتى أوروبا نفسها " ( 6 : 15).
ويُمكن تعريف العولمة بأنها : " بناء عَالَمٍ واحدٍ ، أساسه توحيد المعايير الكونية، وتحرير العلاقات الدولية ، السياسية والاقتصادية ، وتقريب الثقافات ، ونشر المعلومات ، وعالمية الإنتاج المُتبادل ، وانتشار التقدم التكنولوجي، وعالمية الإعلام ..إلخ " ( 15: 7 ).
وقد تُعرَّف بأنها " وضعية كونية جديدة ، تخترق كل مجالات الحياة ، وتترك بصماتها على مختلف جوانب العيش والتعامل " ( 11 : 103 ) .
كما قد تُعرَّف بأنها " غزو ثقافيٌ اجتماعيٌ اقتصاديٌ سياسيٌ يستهدف الدين والقيم والفضائل والهوية " ( 4 : 129 ) .
وعلى الرغم من عدم الاتفاق على تعريفٍ واحدٍ أو مفهومٍ مُحددٍ لهذه الظاهرة إلا أنه يمكن القول : إن العولمة تُعد واحدةً من أبرز وأهم الظواهر العالمية المعاصرة المتعددة الأبعاد ، والتي امتد نطاقها إلى مجالات الحياة الإنسانية المختلفة ؛ والتي تسعى إلى الهيمنة والسيطرة الشاملة على كل مناحي الحياة بمختلف الصور والأشكال والأساليب المباشرة وغير المباشرة لفرض نموذج الحياة الأمريكي على العالم .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن العولمة ظاهرةٌ معاصرةٌ تعود جذورها إلى بعض الحضارات التاريخية القديمة ، وهو ما يُشير إليه أحد الباحثين واصفاً العولمة بأنها " ليست ظاهرةً جديدة ، بل قديمةً قِدم التاريخ ، عندما كانت تتصدرُ حضارةٌ ما باقي الحضارات وتقود العالم " ( 20 : 35 ) .
وانطلاقاً مما سبق فإنه يمكن اعتبار العولمة مصطلح أميبي حظي بالكثير من العناية والاهتمام عند الباحثين والكُتاب في مختلف المجالات والميادين ؛ إلا أنه لم يحظ بالاتفاق على تحديد تعريفٍ دقيقٍ وموحدٍ له ، ومرجع ذلك - كما يرى الباحث - إلى الطبيعة الأميبية التي يمتاز بها هذا المصطلح ، كما أن للتباين والتحيز الفكري والمنهجي دوراً فاعلاً في ذلك ، إضافةً إلى العلاقة المتداخلة بين هذا المصطلح والعديد من المجالات التي يسعى كلاً منها لدراسة هذا المصطلح من منظوره . وهو ما أشار إليه أحد الكُتاب بقوله :
تتضح حقيقة العولمة بأنها الرؤية الاستراتيجية لقوى الرأسمالية العالمية ، وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية ، والرامية إلى إعادة تشكيل العالم وفق مصالحها وأطماعها ، سائرةً نحو ذلك الهدف على ثلاثة مساراتٍ مُتوازية :
الأول : اقتصادي وغايته ضغط العالم في سوقٍ رأسماليةٍ واحدةٍ يحكُمها نظام اقتصاديٌ واحدٌ ،وتوجهه القوى الرأسمالية العالمية ،وتضبط حركته قوانين السوق وآلياته.
الثاني : سياسي ويهدف إلى إعادة بناء هيكليات أقطار العالم السياسية في صيغ تكرس الشرذمة والتشتت الإنسانيين ، وتُفكك الأوطان والقوميات إلى كياناتٍ هزيلةٍ قائمةٍ على نزعاتٍ قبليةٍ عرقيةٍ ، أو دينيةٍ طائفيةٍ ، أو لُغويةٍ ثقافية ، بغية سلب أُمم العالم وشعوبها القُدرة على مواجهة الزحف المُدمر للرأسمالية العالمية .
الثالث : المسار الثقافي الذي يهدف إلى تقويض البُنى الثقافية والحضارية لأُمم العالم ، بُغية اكتساح العالم بثقافة السوق التي تتوجه إلى الحواس والغرائز ، وتشل العقل والإرادة ، وتُشيع الإحباط والخضوع . ( 8 : 51 – 52 ) [ بتصرفٍ من الباحث ] .
ولأن العولمة لم تترك مجالاً أو ميداناً أو جانباً من جوانب الحياة الرئيسة ومجالاتها إلا وامتدت إليه ؛ فإن هذا يعني أنها قد اعتمدت في ذلك على بعض العوامل التي أسهمت مجتمعةً في هذا الانتشار الواسع ، وعلى الرغم من تشابك هذه العوامل وتداخلها بحيث يعتمد بعضها على الآخر بصورةٍ يصعُب معها التمييز بينها ؛ إلا أن معظم الكُتاب يُجمعون على " أن هناك أربعة عناصر أساسية يعتقدون أنها أدت إلى بروز تيار العولمة الجارف . وهي كالتالي :
1 – تحرير التجارة الدولية .
2 – تدفق الاستثمارات الأجنبية المُباشرة .
3 – الثورة المعرفية والتكنولوجية .
4 – تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات " ( 13 : 70 ) .
وليس هذا فحسب ؛ فإن هناك من الباحثين من يُشير إلى بعض العوامل الأُخرى التي كان لها آثاراً فاعلةً ، وأدواراً بارزةً في انتشار وشيوع العولمة كتفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط الشيوعية عام 1989م / 1990م ، وإخفاق كثيرٍ من المشروعات التنموية الضخمة في الدول النامية والفقيرة ؛ إضافةً إلى غياب العديد من المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية في عالم اليوم ، إلا أن الثورة المعرفية والتكنولوجية تُعد من أهم هذه العوامل وأكثرها خطورةً إذ أنها تتمثل في التطور العلمي والتقني الذي تتجلى خطورته في كونه وثيق الصلة بالمجال الثقافي الذي يُعد مرتبطاً بموضوع البحث الذي نحن بصدده ، ولذلك فسوف نعرض له بشيءٍ من التفصيل على النحو التالي :
يُعد التطور العلمي والتقني واحداً من أهم وأبرز العوامل التي أسهمت بفعاليةٍ كبيرةٍ في انتشار العولمة ، ويتمثل هذا التطور العلمي والتقني في ما يعيشه العالم المعاصر من تطورٍ مذهلٍ لأجهزة الاتصال الحديثة ووسائل نقل المعلومات المختلفة منذ التسعينيات الميلادية " بفعل ثورة الاتصالات وانفجار المعلومات ، والذي يتجسد في الحواسيب ، والشبكات الإلكترونية ، والأنظمة الرقمية ، وسواها من التقنيات العالية والوسائط المُركبة التي تُتيح نقل المعطيات والعلامات ، أو إدارة الأعمال والأموال من على بُعدٍ وبسرعةٍ قصوى . وبذلك يجد المرء نفسه إزاء ظاهرةٍ كونيةٍ جديدةٍ على مسرح التاريخ العالمي ؛ حيث عالم جديد آخذٍ في التشكُل سواءً من حيث فضائه ومجاله ، أو من حيث بُنيته ونظامه . ومن حيث آليات اشتغاله ومنظومات تواصله " ( 20 : 81 ) .
وهذا يعني أن هذا التطور العلمي والتقني يُعد القوة الأساسية ، والطاقة الجبارة المولدة والمُحركة للعولمة ؛ إذ أنها توفر الفرص وتُتيح المجال للجميع حتى يطَّلعوا على ما لم يكن بالإمكان الإطلاع عليه من قبل . وليس هذا فحسب ؛ فقد يسَّر هذا التطور العلمي والتقني للإنسان توافر الكثير من الخدمات والإمكانات التي لم تكن متوافرةً من قبل ، لاسيما وأنها " تمكنت من الوصول إلى كل مكانٍ في العالم ، وأصبحت بذلك ذات قدرةٍ غير مسبوقةٍ على التأثيـر في عقليات من يتلقونها ، وتكوين مفاهيمهم ومواقفهم ، والتأثير في عاداتهم ونمط حياتهم عن طريق ما تُذيعه من أخبارٍ ، وما تدعو إليه من أفكار ، وما تبُثه من برامج ، وما تُقدمه من حواراتٍ ومُناقشات ، وما تتفنـن فيه من إعلاناتٍ " ( 15 : 463 ) .
أما أهم أدوات هذا التطور العلمي والتقني فتتمثل في :
( 1 ) شبكات البث الفضائي الإذاعي والتلفازي التي تعتمد على وسائل الإعلام ( المرئية ، والمسموعة ، والمقروءة ) التي وصلت إلى كل مكانٍ ، والتي تمكنت من تحويل العالم إلى قريةٍ واحدةٍ بما تمتلكه من قدرةٍ فائقةٍ على تخطي الحدود والمسافات ، وقد تمكنت هذه الوسائل من التأثير المباشر والفاعل في حياة الناس في كل مكان " إذ إن ما تبُثه وسائل الإعلام هو الذي يصنع الأحلام ، والأحلام [ من العوامل ] التي توجِّه السلوك ، وبذلك يتم تنميط العالم " ( 11 : 59 ) .
وليس بخافٍ ما يُبذل من الجهود الجبارة لشبكات البث الإعلامي الفضائي المختلفة التي تعمل على مدار الساعة في سبيل تنميط ثقافة العالم من خلال التركيز على برامج ورسائل إعلامية معينة وموجَهة تهدف في النهاية إلى عولمة المجتمعات والأفراد ، وطمس هويتهم بمختلف الطرق والوسائل المُباشرة وغير المُباشرة .
( 2 ) شبكة الإنترنت أو ما يُعرف ( بالشبكة العنكبوتية ) التي تُقدم خدماتٍ عديدةٍ أصبحت معها وسيلةً فاعلةً ومؤثرةً في تبادل الأفكار والآراء ووجهات النظر ، و نقل الثقافات وتسويق المنتجات ونحوها . وتأتي خطورة شبكة الإنترنت لكونها " قد وفرَّت وسيلةً للنفاذ السريع إلى المعلومة ، كما أمَّنت انتشارها وتوظيفها على نحوٌ مُذهلٍ . وقد باتت من أهم الوسائل الأساسية لتحقيق النـزعة الحالية نحو العولمة " ( 11 : 57 – 58 ) .
من هنا فإنه يمكن القول : إن شبكة الإنترنت قد استوعبت انعكاسات الثورة المعرفية التي اجتاحت العالم مؤخراً من خلال قدرتها الهائلة على تحويل العالم إلى قريةٍ كونيةٍ يتم فيها التواصل العلمي والمعرفي بكل يسرٍ وسهولةٍ متخطياً الحدود الزمانية والمكانية .
وهكذا يتضح من خلال العرض السابق أن ماهية العولمة تتمثل في كونها هيمنةً ثقافيةً في المقام الأول ، وأنها تتخذ من المسارات الاقتصادية والسياسية والإعلامية أدواتٍ فاعلةٍ لتحقيق ذلك . وهذا يعني أن حقيقة العولمة تكمن في السيطرة والهيمنة الثقافية باعتبارها هدف العولمة الغائي ؛ بينما تتخذ من بقية المسارات وسائل ضغط لتحقيق ذلك الهدف ؛ وهو ما يؤكده واقعنا المُعاصر الذي يقوم على مبدأ مسخ الهوية ، ومحو المعالم الشخصية ، وتذويب المقومات العقائدية والفكرية والثقافية حتى تتحقق الهيمنة والسيطرة الاقتصادية ؛ وهو ما يتفق مع ما توصلت إليه دراسة ( مريم محمد إبراهيم الشرقاوي ، 2000م ) التي أشارت إلى أن الهيمنة الثقافية للعولمة قد اتخذت صوراً عدة ، منها : الهيمنة الاقتصادية ، والهيمنة الاجتماعية ، والهيمنة السياسية ، والهيمنة التعليمية ، وغيرها .
السؤال الثاني / كيف يمكن للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية تأكيد الهوية الإسلامية في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟
يُعد النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية أحد البُنى الأساسية التي يقوم عليها النظام الاجتماعي . فالتعليم حقٌ مشروعٌ تفرضه الشريعة الإسلامية السمحة ، وواجبٌ تتكفل به الدولة لكل مواطن في هذه البلاد ، ولذلك أصدرت اللجنة العليا لسياسة التعليم في المملكة العربية السعودية في عام 1390هـ / 1970م وثيقة سياسة التعليم التي تعتبر " المرجع الأساسي لنظام التعليم ، وأهدافه ، وتخطيطه ، وكل ما يتعلق به من أحكام " ( 7 : 65 ) . حيث رسمت هذه الوثيقة ما يمكن تسميته بالخطوط العريضة أو المنطلقات العامة التي يقوم على أساسها النظام التعليمي في المملكة بكل دقةٍ ووضوحٍ انطلاقاً من تعاليم وتوجيهات ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف ، وهو ما أشارت إليه هذه الوثيقة التي نصت في بندها الأول على أن " السياسة التعليمية في المملكة العربية السعودية تنبثق من الإسلام الذي تدين به الأُمة عقيدةً ، وعبادةً ، وخُلقاً ، وشريعةً ، وحُكماً ، ونظاماً مُتكاملاً للحياة " ( 1 : 7 ) .
ولأن النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية ينطلق من تعاليم وتوجيهات الإسلام فهو جديرٌ وقادرٌ - بإذن الله تعالى – متى ما فُعِّل ووظِّف التوظيف الصحيح ، على تأكيد الهوية الإسلامية لأبناء الأمة المسلمة في ظل تحديات العولمة المعاصرة . وفيما يلي بعض الإجراءات التي يمكن للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية من خلالها تأكيد الهوية الإسلامية :
أولاً ) المحافظة على الخصوصية الإسلامية التي يمتاز بها هذا النظام : إذ إن هذا النظام التعليمي بسياسته المعلن عنها يُعد نظاماً تعليمياً مُتميزاً لا يكاد يوجد له شبيهٌ في عصرنا الحاضر ؛ فهو - كما نصت على ذلك الوثيقة في مادتها الثانية – يقوم على " الإيمان بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا " ( السياسة : 8 ) . وهذا تميزٌ ينفرد به هذا النظام التعليمي عن غيره من الأنظمة التعليمية في العالم المعاصر . كما أنه تميزٌ يُوجب العناية والاهتمام بهذه الخصوصية ، والعمل على تأكيدها وتطبيقها في واقعنا المعاصر . ولعل من أبرز خصوصيات هذا النظام ما يلي :
• العناية بالعلوم الشرعية التي تُدَرّس في مختلف المراحل التعليمية ؛ إذ أنها تُزود الطلاب بالعلم الشرعي المتمثل في المواد والمقررات الدينية ( القرآن الكريم ، والتفسير ، والحديث النبوي ، والتلاوة والتجويد ، والتوحيد ، والفقه ، ونحوها من المواد الأُخرى التي تُثري معلومات الطلاب الشرعية ، وتُبصرهم بأمور دينهم ودنياهم ، وتعمل على تحصينهم من خلالها ضد مختلف المذاهب والأفكار والتيارات الفكرية المُعاصرة ، وهو ما نصت عليه الوثيقة في مادتها الحادية عشر التي أشارت إلى أن " العلوم الدينية أساسية في جميع سنوات التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي بفروعه ، والثقافة الإسلامية مادةٌ أساسيةٌ في جميع سنوات التعليم العالي " ( 1 : 9 ) .
• منع الاختلاط بين البنين والبنات في جميع مراحل التعليم تحقيقاً للخصوصية التي ينفرد بها هذا النظام الذي لم يُغفل حق الفتاة في الحصول على حقها المشروع من التعليم شريطة أن يتفق ذلك مع ما جاءت به تعاليم وتوجيهات ديننا الإسلامي الحنيف من منعٍ للاختلاط بين الذكور والإناث في مؤسسات التعليم المختلفة ؛ لما في ذلك من سدٍ للذرائع ومنعٍ للمشكلات المترتبة على التعليم المختلط ، وهو ما أشارت إليه وثيقة التعليم في المادة ( 155 ) التي نصت على أن " يُمنع الاختلاط بين البنين والبنات في جميع مراحل التعليم إلا في دور الحضانة ورياض الأطفال " ( 1 : 30 ) .
• التأكيد على بعض الضوابط الخاصة بتعليم الفتاة بحيث تكفل لها الحصول على حقها المشروع في التعليم المطلوب والمناسب لفطرتها وطبيعتها البشرية في مختلف المراحل التعليمية في جوٍ من الحشمة والوقار والعفاف . وهو ما أشارت إليه الوثيقة في المادة ( 9 ) التي أشارت إلى " تقرير حق الفتاة في التعليم بما يُلائم فطرتها ، ويُعدها لمهمتها في الحياة على أن يتم هذا بحشمةٍ ووقارٍ ، وفي ضوء شريعة الإسلام ، فإن النساء شقائق الرجال "( 1: 9 ).
وهنا يلاحظ أن هذا النظام قد حرص على مراعاة الفروق الطبيعية بين الذكور والإناث ، وحرص على مجاراة الفطرة التي جُبل كلاً منهما عليها .
• العناية الخاصة بمدارس تحفيظ القرآن الكريم حيث يؤكد النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية على " إشاعة حفظ القرآن الكريم ودراسة علومه ؛ قياماً بالواجب الإسلامي في الحفاظ على الوحي ، وصيانة تراثه " ( 1 : 32 ) . وقد تمثل هذا الاهتمام في إنشاء المدارس والمعاهد الخاصة بتحفيظ القرآن الكريم وتدريس علومه لمختلف المراحل التعليمية ، والحرص على دعمها وتطويرها ، والعمل على انتشارها لإتاحة الفرصة للراغبين في ذلك سواءً من أبناء البلاد أو من الوافدين . إضافةً إلى رصد الجوائز التشجيعية والمكافآت المخصصة للحُفاظ والدارسين ؛ الأمر الذي يؤكد عناية هذا النظام التعليمي بهذا النوع الخاص والمتميز من التعليم وفقاً لمناهج وخطط دراسيةٍ مُعتمدةٍ لكل مرحلةٍ من المراحل ( الابتدائية ، والمتوسطة ، والثانوية ) .
• خلو هذا النظام التعليمي من الأفكار أو التوجهات الاستعمارية إذ إن السياسة التعليمية لهذا النظام تميزت " بخلوها من كل دخيل ، وبراءتها من كل مستورد ، فلا أثر فيها مطلقاً لما جلبه الاستعمار الغربي في سياسات التعليم بدولٍ أخرى عربيةٍ أو إسلامية " ( عيسى : 25 ) . ومعنى هذا أن سياسة النظام التعليمي في المملكة تمتاز بأنها لم تخضع للأفكار والنظريات الوافدة ، ولم تتأثر بالمذاهب والتيارات العالمية ، وأنها تميزت وانفردت بفكرها الإسلامي الواضح المنطلق من الأصول والمصادر الإسلامية الخالدة المتمثلة في كتاب الله العظيم ، وسنّة رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم ، والقائم على التصور الإسلامي الشامل للكون والإنسان والحياة ، والذي يُمكن من خلاله فهم الإسلام فهماً صحيحاً ومتكاملاً يؤدي بدوره إلى تحقيق معنى الانتماء الكامل والولاء الصادق لهذا الدين ، ورفض كل فكرٍ أو نظامٍ أو توجهٍ يُخالفه أو يتعارض معه .
ومما سبق يتضح أن للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية العديد من الخصوصيات التي ينفرد ويمتاز بها عن غيره من الأنظمة التعليمية المُعاصرة ؛ وأن من الضروري جداً أن يُحافظ على تلك الخصوصيات ، وأن يعمل على تأكيدها ، وعدم التفريط فيها أو التخلي عنها بحجة التطور أو التجديد أو المُسايرة لظروف العصر وتحدياته أو نحو ذلك من الشعارات الزائفة والدعايات المغرضة .
ثانياً ) غرس مبدأ الاعتزاز بالهوية الإسلامية في النفوس : لاسيما وأن هذه الهوية المسلمة تُعد فريدةً ومُتميزةً في كل شأنها ؛ وخير دليلٍ على ذلك التميز أنه لا يُمكن أن يتحقق أو يُنال إلا بالالتزام الكامل والتمسك التام بمنهج الإسلام في العبادات والعادات ، وفي الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ، وكل شأنٍ من شؤون الحياة ، دونما تبعيةٍ ، أو تقليدٍ ، أو تشبهٍ ، أو ذوبانٍ ، أو انبهار بالآخرين في أي زمانٍ أو مكان . وهو ما أشارت إليه الوثيقة في المادة التاسعة والعشرين والتي تنص على " تنمية روح الولاء لشريعة الإسلام ، وذلك بالبراءة من كل نظام أو مبدأ يُخالف هذه الشريعة ، واستقامة الأعمال ، والتصرف وفق أحكامها العامة الشاملة " ( 1 : 12 ) .
وتأتي أهمية هذا الجانب نظراً لكونه وثيق الاتصال بهوية الأُمة وفكرها وثقافتها ، والذي عادةً ما يكون هدفاً مباشراً للعولمة التي تهدف إلى توحيد الأفكار والمفاهيم والمبادئ والقيم التي تخدم أهدافها وأغراضها ، وتقوم على مبدأ تجاهل الثقافات والخصوصيات المحلية ومسخ الهوية الثقافية بصورة تجعل الأمم مسلوبة الإرادة ، معدومة الهوية ، خاضعةً لكل ألوان الهيمنة والاستعباد .
أما كيفية غرس مبدأ الاعتزاز بالهوية الإسلامية في النفوس فيمكن للنظام التعليمي تحقيق ذلك من خلال التالي :
• العودة الجادة إلى رصيد الأُمة الثقافي ، ومخزونها الفكري المتمثل في تراثها الإسلامي الزاخر بالكثير من المعطيات الأصيلة التي لا تحتاج إلا للبحث والاستخراج ، ثم التوظيف الحضاري المناسب الذي يكفل لها التسخير الإيجابي والإفادة الكاملة في عملية البناء والتنمية الحضارية المنشودة التي تُمكِّن البشرية كلها من حق الانتفاع بما فيها من الخير والصلاح .
• التأكيد على غرس المبادئ والقيم الإسلامية الأصيلة المستمدة من مصادر ديننا وتربيتنا الإسلامية في مختلف مجالات الحياة من خلال النظام التعليمي حتى يتشربها النشء منذ نعومة أظفارهم ، ويتربون عليها فتصبح جزءً لا يتجزأ من معالم تربيتهم الشخصية ؛ ويأتي من أهم وأبرز هذه المبادئ والقيم الصدق ، والأمانة ، والتطوع ، والجدية ، والشورى ، والتواضع ، والمُحافظة على الوقت ، وإتقان العمل ، ونحو ذلك . وهو ما يتفق مع ما توصلت إليه دراسة ( مريم محمد إبراهيم الشرقاوي ، 2000م ) التي أكدت على أهمية تبني النظام التعليمي لهذا الشأن .
• عدم الانبهار أو الإعجاب ببريق المصطلحات الخادعة المختلفة التي تتزيا بها ظاهرة العولمة ولا سيما في المجال الثقافي ، والعمل على إعادة الثقة بثقافتنا الأصيلة وهويتنا المتميزة عن طريق إعادة الحيوية والتألق لها ، وترجمتها إلى واقعٍ مُعاشٍ ، ونماذج تطبيقيةٍ حيةٍ في مختلف جوانب حياتنا المعاصرة ، ولاسيما الجانب التربوي والتعليمي الذي يقوم بدورٍ كبيرٍ وفاعلٍ في عمليات التنشئة الاجتماعية لأبناء المجتمع وفئاته المختلفة .
ثالثاً ) تنمية الوعي الإسلامي المتفاعل إيجابياً مع معطيات الحضارة المعاصرة : نظراً لما يترتب على هذا الوعي من غرسٍ للمبادئ والقيم الصحيحة في النفوس ، وتأتي أهمية العناية بتنمية هذا النوع من الوعي لكون العولمة " تهدف أول ما تهدف إلى السيطرة على الوعي ، والهيمنة عليه وتوجيهه ، وبذلك يتم تعطيل فاعلية المنطق ، والتشويش على نظام القيم ، وتوجيه الخيال ، وتنميط الذوق ، وقولبة السلوك " ( بكار : 50 ) . وهو ما يُلاحظ في الكثير من المظاهر والسلوكيات الفردية والجماعية التي انتشرت بين أبناء وفئات المجتمع ولا سيما في التعاملات اليومية التي لا شك أنها تأثرت كثيراً بما تُصدره العولمة من أفكارٍ ومظاهر وسلوكياتٍ وافدةٍ عبر وسائلها المتنوعة ؛ وبخاصةٍ ما تبثه وتعرضه وسائل الإعلام المختلفة من أفلامٍ وبرامج ودعاياتٍ وغيرها .
من هنا فإن على النظام التعليمي العناية بتحقيق كل ما من شأنه تنمية الوعي الإسلامي الصحيح لأبناء الأُمة ، والعمل على تبصيرهم بكل جديدٍ ومفيدٍ من المعطيات الحضارية تحقيقاً لما جاء في المادة ( 16 ) من الوثيقة التي نصت على " التفاعل الواعي مع التطورات الحضارية العالمية في ميادين العلوم ، والثقافة ، والآداب بتتبعها ، والمشاركة فيها وتوجيهها بما يعود على المجتمع والإنسانية بالخير والتقدم " ( 1 : 9 ) .
السؤال الثالث / ما أهم المقترحات لتطوير نظام التعليم في المملكة العربية السعودية في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟
= مما لا شك فيه أن ما يشهده عالمنا المعاصر من تغيراتٍ علميةٍ مُتسارعةٍ ، وتطوراتٍ تقنيةٍ هائلةٍ يتطلب العديد من الاستعدادات للمواجهة تخطيطاً و تطويراً ، وفيما يلي بعض المقترحات لتطوير نظام التعليم في المملكة العربية السعودية ليكون قادراً – بإذن الله تعالى – على مواجهة تحديات العولمة المعاصرة ، ومنها :
أولاً ) التوسع الكمي والتطور الكيفي في خطط التعليم الحاضرة والمستقبلية : وهذا يعني أن يكون النظام التعليمي في المملكة قادراً ( كماً و كيفاً ) على التفاعل الإيجابي والتكيف اللازم مع معطيات العصر وتطلعات المستقبل عن طريق التالي :
* التوسع الكمي : ويُقصد به زيادة عدد مؤسسات التعليم لاستيعاب أعداد المتعلمين في كافة المراحل التعليمية ؛ وبخاصةٍ مؤسسات التعليم الجامعي والعالي . ويمكن تحقيق ذلك من خلال التالي :
أ - التوسع الكمي في التعليم الجامعي الذي يستلزم إتاحة فرص التعليم الجامعي لكل الراغبين من حملة الشهادة الثانوية أو ما يُعادلها ( ذكوراً وإناثاً ) تحقيقاً لما جاء في المادة ( 110 ) من وثيقة التعليم التي نصت على : " إعداد مواطنين أكفاء مؤهلين علمياً وفكرياً تأهيلاً عالياً لأداء واجبهم في خدمة بلادهم والنهوض بأُمتهم في ضوء العقيدة السليمة ، ومبادئ الإسلام السديدة " ( 1 : 23 ) . ومعلومٌ أن إعداد المواطنين الأكفاء المؤهلين علمياً وفكرياً لا يمكن أن يتحقق إلا باستقطاب أعداد الطلاب الحاصلين على الشهادة الثانوية أو ما يُعادلها في مؤسسات التعليم الجامعي وهذا يستلزم توسعاً كمياً في عدد الكليات والجامعات التي تمنح خريجيها المؤهلات الجامعية التي تؤهلهم علمياً وفكرياً لخدمة المجتمع في قطاعاته وميادينه المختلفة بكل كفاءةٍ وجدارةٍ .
ب - التوسع الكمي في ميدان الدراسات العليا عن طريق إتاحة المزيد من الفرص للراغبين من الذكور والإناث في مواصلة تعليمهم العالي تحقيقاً لما جاء في المادة ( 111 ) من وثيقة التعليم التي تنص على : " إتاحة الفرصة أمام النابغين للدراسات العليا في التخصصات العلمية المختلفة " (1: 23 ) . وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق التوسع الكمي في فتح باب القبول للراغبين من الطلاب والطالبات للالتحاق ببرامج الدراسات العليا ( الماجستير والدكتوراه ) في الجامعات والكليات المعنية ؛ والحرص على تشجيعهم وتحقيق رغباتهم ، والإفادة منهم بعد ذلك في سد احتياجات قطاعات المجتمع المختلفة من أصحاب الشهادات والكفاءات العلمية .
ج - مراعاة أن يُحقق التوسع الكمي في التعليم الجامعي مبدأ التوازن الجغرافي في مختلف مدن ومناطق المملكة ؛ وهذا يعني ألاَّ يكون هذا النوع من التعليم مُتركزاً في المدن الكبرى فقط إذ " إن التوازن الجغرافي في توزيع مؤسسات التعليم الجامعي أمرٌ له أهميته في سد احتياجات المجتمع المحلي من التعليم الجامعي في كل منطقة من مناطق البلاد ..بالإضافة إلى أن التعليم الجامعي هو مركز إشعاع في مجال تنمية وخدمة المجتمع بما يوفره من برامج هادفة " ( 12 : 30 ) .
** التطور الكيفي : ويُقصد به التجديد والارتقاء بمختلف مؤسسات وبرامج وطرائق وأساليب منظومة التعليم في المملكة من خلال رفع كفاءة النظام التعليمي في مختلف مراحله ومستوياته ، وتطوير عناصره وآلياته من خلال التالي :
( 1 ) تطوير طرائق وأساليب التدريس الحالية في المؤسسات التعليمية ، وتغييرها إذا لزم الأمر واقتضت المصلحة ذلك ؛ كأن يُستبدل أُسلوب الحفظ والتلقين بالأساليب الحديثة التي يتم فيها التركيز على قدرات المتعلم واستعداداته ليكون دوره إيجابياً في العملية التعليمية ، وأن يكون التركيز في العملية التعليمية على الطرائق والأساليب غير التقليدية مثل : ( المناقشة والحوار ، الاستقراء ، الاستكشاف ، وغيرها ) . وهو ما وردت الإشارة إليه في الرؤية المستقبلية لوزارة المعارف ( التربية والتعليم حالياً ) المؤمل تنفيذها خلال الفترة من ( 1420هـ - 1430هـ ) والتي أكَّدت على أن " التطور المُتسارع في العلوم والتقنية يتطلب إعادة النظر في مناهج العلوم الطبيعية والرياضيات وطرائق تدريسها ، وتنمية قُدرات الطلاب على التفكير المنهجي ، والابتكار ، والحوار ، ودعم القدرات الخاصة والتعليم الذاتي لديهم " ( 22 : 104 ) .
( 2 ) تطوير محتويات المناهج التعليمية لتكون موافقةً لطبيعة الأهداف التي ينشدها المجتمع ، والتي يفرضها الواقع المعاصر ؛ وهو ما يمكن تحقيقه عن طريق إعادة النظر في محتوى المناهج الدراسية التي تحتاج - في جميع المراحل الدراسية - إلى مراجعةٍ وتطويرٍ وتجديدٍ يتناسب مع ظروف ومعطيات العصر ، ويتواءم مع ما فيه من مستجداتٍ ومُتغيراتٍ ، ولا يتنافى أو يتعارض بأي حالٍ مع ثوابت الأُمة ومبادئها .
كما أن من الضرورة بمكان أن تتوافر الأساليب التربوية والتعليمية الحديثة التي تتيح " فرص المناقشة والحوار للمتعلمين ، وتوجههم للبحث في مصادر الخبرات المنهجية ، وتغرس فيهم القناعة بتنوع هذه الخبرات ، وتُدرب المتعلمين على تحليلها ونقدها والتعرف على الجوانب الإيجابية والسلبية فيها " ( 17 : 68 ) .
( 3 ) تنوع أساليب التقويم والامتحانات والتركيز على تقويم العمليات العقلية العليا للمتعلمين مثل : ( التحليل ، والتركيب ، والتقويم ، ونحوها ) بدلاً من التركيز على الحفظ ، حيث أن الطرائق الحديثة للتقويم في العملية التعليمية تكون ذات أثرٍ فاعلٍ في تشجيع التعليم الذاتي ، والعمل على زيادة مهارة وقدرة المتعلم على البحث عن المعلومة ، ومن ثم حسن التعامل معها واستيعابها بصورةٍ صحيحةٍ وإيجابية . وهذا يتفق مع ما توصلت إليه دراسة ( السيد عبد العزيز البهواشي ، 2000م ) التي أشارت إلى أهمية " تغير طرق التعليم التي تقوم على التلقين تغيراً جذرياً لتحل محلها طرق تعليم تقوم على الحوار والنقاش ، حتى يستطيع الطلاب أن يقفوا أمام ما يتلقونه من مصادر البث الأيدولوجي [ الفكري ] الغربي والأمريكي موقفاً ناقداً ؛ فالنجاح في التعامل مع تقنية العولمة سوف يعتمد على القدرات الذهنية أكثر مما كان في أية مرحلةٍ تاريخيةٍ سابقةٍ " ( 5 : 259 ) .
( 4 ) العمل على توافر البيئات التعليمية المناسبة للتطور العلمي والتعليمي المنشود ويشمل ذلك توافر المباني المدرسية الحكومية المناسبة ، والمعامل التعليمية الملائمة ، والمكتبات ، والملاعب ، وغيرها من المرافق التي يعتمد نجاح العملية التعليمية على مدى توافرها وإمكانية الإفادة منها في هذا الشأن ؛ إذ " إن المُخططات السليمة للمباني التعليمية لا بُد من أن تتعرض لدراسة الوسائل الفنية للأبنية التعليمية كوضع توجيهاتٍ لتصميم المباني على أُسس تربويةٍ واجتماعيةٍ وصحيةٍ ، بحيث تتفق والمستوى الاجتماعي ، وبحيث تراعي العوامل الجوية والبيئية والحالة الاقتصادية في البناء واستخدام الخامات المحلية ، وبحيث يؤخذ في الاعتبار طرق التدريس ، وبحيث تكون الأبنية التعليمية قابلة للتوسع في المستقبل ، ويمكن تعديلها وفق الاحتياجات المستقبلية " ( 2 : 44 ) . وهو ما يمكن تحقيقه من خلال وضع خطة زمنية محددة للاستغناء عن المباني المُستأجرة أو القديمة الحالية ، و العمل على سرعة توافر المباني الحكومية المهيأة والمجهزة بكامل المستلزمات المطلوبة للعملية التعليمية تبعاً لاحتياجات مختلف المراحل
ثانياً ) تطوير عملية إعداد المعلم : فالمعلم سيظل حجر الزاوية في العملية التعليمية ، ولن يتمكن النظام التعليمي من مواجهة تحديات العولمة المعاصرة دون إعطاء المعلم أولوية العناية والاهتمام اختياراً ، وإعداداً ، وتدريباً لغرض الرفع من مستواه ، والعمل على مساعدته في تحقيق التفاعل اللازم والتكيف المطلوب مع المستجدات المعاصرة . ولعل من أبرز ما ينبغي مراعاته لتطوير عملية إعداد المعلم ما يلي :
1. تطوير عملية إعداد المعلمين والمعلمات في مراحل التعليم العام عن طريق إعادة النظر في ضوابط وشروط سياسات القبول التي تتم من خلالها عملية اختيار المتقدمين للدراسة في الكليات المعنية بعملية إعداد المعلمين والمعلمات ؛ إذ أن نجاح هذه الكليات في إعداد وتدريب معلمي المستقبل يتوقف إلى حدٍ كبيرٍ على " ما توفر لدى طلاب هذه الكليات من إمكانيات واستعدادات مهنية ، واتجاهاتٍ وميولٍ إيجابية نحو مهنة التعليم " ( 15 : 80 ) . وهذا يعني أن سياسات القبول في الكليات المعنية بعملية إعداد المعلمين والمعلمات في حاجةٍ ماسةٍ إلى أن تُضبط من بداية اختيار الطلاب والطالبات المتقدمين للالتحاق بها ، وأن تتم وفق معايير وضوابط مدروسة ومُقننة حتى يمكن أن تُسهم فعلياً في تحقيق حسن الاختيار ومصداقيته ، ومن ثم الاطمئنان إلى إمكانية نجاح الملتح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hanichat.forumalgerie.net
kherroubi
Admin



المساهمات : 721
تاريخ التسجيل : 19/11/2011
الموقع : Chlef

بحث حول العولمة وتحدياتها بامراجع Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث حول العولمة وتحدياتها بامراجع   بحث حول العولمة وتحدياتها بامراجع Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 05, 2012 8:01 am

[quote="kherroubi"]

العولمة وتحدياتها:


بحث حول العولمة وتحدياتها بامراجع Down





انطلاقاً من كون النظام التربوي والتعليمي لأي دولةٍ يُعد الركيزة الأساسية في سباق التقدم بين الأُمم ، وسلاحٌ فاعلٌ في مواجهة تحديات المستقبل ؛ فإن استقلال ذلك النظام عن المؤثرات الفكرية السالبة التي تتعارض معه ضرورةٌ يفرضها ما يعيشه العالم اليوم من تغيراتٍ وتطوراتٍ في المجال التربوي والتعليمي على وجه الخصوص ، ولا سيما تلك التحديات التي يواجهها نظامنا التربوي والتعليمي في المملكة العربية السعودية . وحيث إن من أبرز هذه التحديات ما يُسمى بالعولمة التي - تسعى ضمن ما تسعى إليه - إلى محاولة إلغاء هوية الإنسان المسلم الثقافية ، وطمس معالم تربيته الإسلامية وفصلها عن أصولها الثابتة ومصادرها الخالدة ؛ من هنا فإن الحاجة تدعوا إلى التفاعل الإيجابي معها طمعاً في تحقيق الفوائد المرجوة من معطياتها الحضارية التي لا غنى عنها لتطوير النظام التربوي والتعليمي ؛ مع الأخذ في الاعتبار أن يتم ذلك التفاعل مع العولمة بصورةٍ وكيفيةٍ تُحافظ على معالم أصولنا الثقافية ، وتؤكد ملامح هويتنا الإسلامية المتميزة في مختلف المجالات الحياتية .
وقد تمثلت مشكلة الدراسة في محاولة الوقوف على ماهية وحقيقة العولمة و أهم معالمها . وتعرُّف الكيفية التي يمكن - من خلالها - للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية تأكيد الهوية الإسلامية . وتسليط الضوء على أهم المقترحات الكفيلة بتطوير هذا النظام في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟
ومن خلال الإجابة على تساؤلات البحث تم التوصل إلى عددٍ من التوصيات التي منها :
ضرورة التمسك التام بالهوية الإسلامية المُميزة التي ينفرد بها النظام التعليمي في المملكة عن غيره من الأنظمة التعليمية المُعاصرة . و تنمية الوعي الإسلامي الصحيح والمتفاعل إيجابياً مع المعطيات الحضارية التي أفرزتها العولمة في شتى المجالات العلمية والتقنية وغيرها . والحرص على إيجاد الأُنموذج أو التصور الإسلامي المُقترح لهيكل النظام التعليمي المُستمد من مُعطيات تُراثنا الفكري الإسلامي الصحيح . والاستمرار في تقييم وتطوير خطط وبرامج النظام التعليمي في المملكة سواءً فيما له علاقة بالأهداف ، أو المحتويات المنهجية ، أو أساليب التدريس ، أو آليات التقويم ، أو آليات التدريب ، أو


مقدمة :
تسعى كثيرٌ من دول العالم وبخاصةٍ الدول الإسلامية باذلةً كل جهودها لتضييق الفجوة المعرفية الآخذة في الاتساع بينها وبين الدول المتقدمة ؛ ولا سيما في ظل التغيرات الحضارية المتسارعة والتطورات المعرفية المتلاحقة ، التي يعيشها العالم المعاصر والتي أدت إلى ظهور ما يُسمى بالعو لمة .
وحيث إن النظام التربوي والتعليمي لأي دولةٍ يُعد ركيزةً أساسيةً في سباق التقدم ومواجهة تحديات المستقبل ؛ فإن النظام التربوي والتعليمي في المملكة العربية السعودية يواجه كثيراً من التحديات المُعاصرة التي يأتي من أبرزها ما يُسمى بالعو لمة التي - تسعى ضمن ما تسعى إليه - إلى إلغاء هوية الإنسان المسلم الثقافية ، وطمس معالم تربيته الإسلامية وفصلها عن أصولها الثابتة ومصادرها الخالدة " فالإنسان العولمي وفقاً للعولمة الرأسمالية مطالبٌ بنسيان الماضي بكل جذوره الثقافية ومنها الدين ، فالماضي بما يحمله من خصوصيةٍ ثقافيةٍ عبءٌ على العولمة الرأسمالية " ( 14: 124 )*. وهو أمر يتعارض بالكلية مع مفهوم التربية الإسلامية التي يقوم عليها النظام التربوي والتعليمي في المملكة ، والذي نصت عليه المادة الأولى في وثيقة التعليم الصادرة من اللجنة العليا لسياسة التعليم في المملكة مؤكدةً أن هذا النظام " ينبثق من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدةً وعبادةً وخُلقاً وشريعةً وحكماً ونظاماً متكاملاً للحياة " ( 1 : 293 ) .
ولذلك فقد تباينت ردود الفعل عند كثيرٍ من المفكرين والكُتّاب والباحثين تجاه العولمة باتجاهاتها المختلفة ؛ فالبعض يرفضها على أساس أنها تتنافى مع مبادئ وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ، وتختلف مع أصول وأهداف تربيتنا الإسلامية . والبعض الآخر يرى أن العولمة ليست شراً محضاً في كل جوانبها ، وأنها تشتمل في مجموعها على جوانب إيجابيةٍ وأُخرى سلبية ؛ وهذا يعني أن علينا قبولها والأخذ بمعطياتها الإيجابية نحو الرقي والتقدم ، ورفض ما كان منها سلبياً أو متعارضاً مع ثوابتنا الخالدة .
وحيث إن ما يعيشه العالم اليوم من تغيراتٍ وتطوراتٍ في المجال التربوي والتعليمي على وجه الخصوص يفرض عدداً من التحديات على نظامنا التربوي والتعليمي في المملكة العربية السعودية ؛ فإن الحاجة تدعوا إلى التفاعل الإيجابي معها طمعاً في تحقيق الفوائد المرجوة من معطياتها الحضارية التي لا غنى عنها لتطوير النظام التربوي والتعليمي بصورةٍ وكيفيةٍ تُحافظ على معالم أصولنا الثقافية ، وتؤكد ملامح هويتنا الإسلامية المتميزة في مختلف المجالات الحياتية .
من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة للوقوف على ماهية وحقيقة العولمة و أهم معالمها . وتعرُّف الكيفية التي يمكن - من خلالها - للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية تأكيد الهوية الإسلامية في ظل تحديات العولمة المعاصرة . وتسليط الضوء على أهم المقترحات الكفيلة بتطوير هذا النظام في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟
مشكلة الدراسة :
تتحدد مشكلة الدراسة الحالية في الإجابة على التساؤلات التالية :
( 1 ) ما هي العولمة ؟ وما أبرز معالمها ؟
( 2 ) كيف يمكن للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية تأكيد الهوية الإسلامية في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟
( 3 ) ما أهم المقترحات لتطوير نظام التعليم في المملكة العربية السعودية في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟



منهج الدراسة :
تعتمد هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي الذي يُمكن من خلاله وصف وجمع البيانات المتعلقة بالنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية ، وتحليلها للوصول إلى بعض الاستنتاجات التي يُمكن من خلالها توظيف معطيات الماضي والحاضر لمواجهة تحديات المستقبل في ظل النظام العالمي الجديد .
أهداف الدراسة :
تتمثل أهداف الدراسة فيما يلي :
( 1 ) تعرُّف ماهية العولمة وأبرز معالمها .
( 2 ) الوقوف على الكيفية المقترحة التي يمكن للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية من خلالها تأكيد الهوية الإسلامية في ظل تحديات العولمة المُعاصرة .
( 3 ) تعرُّف أهم المقترحات التي يُمكن من خلالها تطوير نظام التعليم بالمملكة العربية السعودية في ظل تحديات العولمة المعاصرة .
( 4 ) طرح بعض التوصيات المقترحة التي يمكن من خلالها للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية مواجهة تحديات العولمة المُعاصرة .
الدراسات السابقة :
* الدراسة الأولى : دراسة ( محمد محمود مندورة ، 1410هـ / 1989م ) ، بعنـوان " إعداد المدرسين للتدريس في العصر المعلوماتي " .
وقد هدفت الدراسة إلى وضع تصورات واضحة حول المناهج والبرامج الدراسية التي تتطلبها عملية إعداد المدرسين للتدريس في العصر المعلوماتي .
وقد توصلت الدراسة إلى ما يلي :
1 ) ضرورة إعداد كليات التربية وإعداد المعلمين لمدرسي الحاسب إعداداً سليماً .
2 )ضرورة إكساب مدرسي المقررات الأُخرى المهارات اللازمة لاستخدام الحاسب بكفاءة كوسيلة تعليمية .
3 ) وضع بعض الأُسس والمتطلبات اللازمة لتأهيل وإعداد المدرسين في العصر المعلوماتي .
* الدراسة الثانية :دراسة ( عصام الدين هلال، 1997م ) ، بعنوان " التربية بين الكونية والخصوصية الثقافية – قراءة تربوية في الجدل بين العولمة الشمولية والعولمة الديموقراطية " .
وقد هدفت الدراسة إلى الإجابة عن التساؤلات التالية :
1 – ما الكونية ؟
2 – ما الخصوصية الثقافية ؟
3 – ما الأهداف الحاكمة للتربية في المجتمع المصري على ضوء كلٍ من الكونية والخصوصية الثقافية ؟
وقد توصل الباحث إلى :
1 – تحديد مفهوم العولمة في أنه مصطلحٌ يُلَخِصُ حركة العالم عامةً وخاصةً ، إذ أن مشوار البشرية منذ عام 1957م قد حوَّل العولمة إلى ظاهرة رأسمالية أمريكية ارتبط بعدة أحداثٍ ايكولوجية واقتصادية وسياسية وسكانية .
2 – إن التربية في سياق العولمة الحالية نوعان هما : تربية العام بغير خاص : وهي التربية وفقاً للاستراتيجيات الأمريكية . تربية الخاص في سياق العام : وهي تربية الدول التي لا نرى ثقافتها في سياق العولمة الحالية .
3 - أن العولمة تتجاوز الخصوصية الثقافية دون أن تقضي عليها كليةً ، فهي نتيجةً للتفاعل بين الثقافات العالمية المختلفة ، وحركتها الدينامية . وأن الانغلاق الثقافي الصوري يُمثل انتحاراً لدول العالم الثالث ، ويصبح هدف محو هذه الطبيعة أمرٌ لا فكاك منه .
4 – وضع تصور لاستراتيجية تربوية هامة تتمثل في أن التربية مع العولمة الديموقراطية ، وضد العولمة الشمولية ، وهي تسعى إلى بناء الإنسان العولمي الذي يتصف بأنه :
أ ) إنسان مبدع ومُستثمر ومضيف إلى التُراث كلما استطاع ، ومُحافظ على الخصوصية الثقافية التي تميزه عن غيره .
ب ) إنسان يؤمن بالتقريب بين الثقافات المختلفة ويرفض إزاحة الثقافات المحلية والقومية .
ج ) إنسان يؤمن بأن سلبيات التقدم التكنولوجي في الاتصالات لا يُمكن مواجهتها إلا بتنمية التفكير الناقد لدى الأبناء .
د ) إنسان يؤمن بالتكتلات الاقتصادية وحركة التغير ويقلد تقليداً جدلياً .
هـ ) إنسان يعتز بإسلامه ويفتخر به ، ويسعى لنشره في العالم كله .
الدراسة الثالثة : دراسة ( هدى حسن حسن ، 1999م ) ، بعنوان ( التعليم وتحديات ثقافة العولمة ) .
وقد استهدفت الدراسة ما يلي :
• تحديد السمات الجديدة لما يُعرف بثقافة العولمة .
• الوقوف على التحديات التعليمية والثقافية للعولمة التي تواجهنا مستقبلاً .
• الوقوف على دور التعليم في التعامل الإيجابي مع تحديات العولمة .
وقد توصلت الدراسة إلى أن التعليم يملك القوة والوسائل التي تُحقق إعادة تشكيل وتكوين الشخصية الإنسانية بما يجعلها أكثر كفاءةً للتعامل مع متغيرات العصر ؛ شريطة أن يقوم التعليم على الأُسس والتوجهات التي تكشف عنها يوماً بعد يومٍ البحوث والدراسات التي تُجرى في العلوم التربوية والنفسية أو تلك التي تتصل بها اتصالاً وثيقاً .
الدراسة الرابعة : دراسة ( مريم محمد إبراهيم الشرقاوي ، 2000م ) ، بعنوان ( أساليب تعزيز الهوية في مواجهة الهيمنة الثقافية .. رؤية معاصرة لإدارة التعليم ) .
وقد استهدفت الدراسة ما يلي :
1. تأكيد التميز الثقافي ، والهوية ـ أو الذاتية – الثقافية ، والتعددية الثقافية ، التي لا تنفي الواقع المُشترك والاعتماد المُتبادل للإنسان .
2. التفاعل بوعي مع النظام العالمي الجديد ، للتأثر بالثقافة العالمية والتأثير فيها .
3. وضع منظومة مُناسبة للحفاظ على الهوية الثقافية المصرية .
كما توصلت الدراسة إلى بعض الاستخلاصات التي منها :
• أن هناك أزمةً ثقافيةً معاصرةً تتجلى في أنماط التفكير السائد ، وسيادة الثقافات الرسمية ، وترديد كل ما هو غربي أو أُوروبي ، والابتعاد عن الهوية الذاتية .
• أن التأكيد على الخصوصية الثقافية يحتاج لتبني إدارة التعليم لمجموعةٍ من القيم التي تُحول بين الثقافة القومية وبين الانكماش والانعزال ؛ لتظل متماسكةً مُتفاعلة مع الثقافات الأُخرى .
• أن تكوين هوية ثقافية مُحدَّدة يستلزم من التعليم الاهتمام بالناشئة، وإعداد المعلم ، وإعادة النظر في المناهج الدراسية بما يتمشى مع مُتغيرات العصر .
الدراسة الخامسة : دراسة ( السيد عبد العزيز البهواشي ، 2000م ) ، بعنوان ( التعليم وإشكالية الهوية الثقافية في ظل العولمة ) .
وقد استهدفت الدراسة طرح مجموعة من القضايا المرتبطة بماهية العولمة وحقيقتها وتأثيراتها على الشخصية المصرية ، والوقوف على آليات التعليم لتفعيل هذه الشخصية ، بما يُساعدها على مواجهة تحديات العولمة ، والتفاعل معها .
كما توصلت الدراسة إلى ضرورة انتهاج سياسة تعليمية قوامها :
• المحافظة على الذاتية الثقافية للمجتمع المصري .
• الجمع بين الأصالة والمُعاصرة في مناهج التعليم .
• تغير طرق التعليم التي تقوم على التلقين تغيراً جذرياً .
• إنتاج مناهج تعليمية جديدة .
التعليق على الدراسات السابقة :
من استعراض الدراسات السابقة يتضح أن الدراسة الأولى ركَّزت على عملية إعداد وتأهيل المدرسين لعملية التدريس في العصر المعلوماتي . أما الدراسة الثانية فقد ركَّزت على وضع تصورٍ لاستراتيجية تربوية تتمثل في أن التربية مع العولمة الديموقراطية وضد العولمة الشاملة . وجاءت الدراسة الثالثة لتؤكد أن التعليم كفيلٌ بالتعامل مع مُتغيرات العصر شريطة اعتماده على نتائج البحوث والدراسات المعنية بهذا الشأن . في حين جاءت الدراستان الرابعة والخامسة لتؤكدا على أساليب تعزيز خصوصية الهوية الثقافية من خلال النظام التعليمي ، وضرورة انتهاج سياسة تعليمية تحافظ على الذاتية الثقافية من خلال الجمع بين الأصالة والمُعاصرة ، والعمل على تغييـر طرائق التعليم القديمة بأُخرى جديدة .
أما الدراسة الحالية فتُركِّز على النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية ، وكيف يمكن له تأكيد الهوية الإسلامية المُميزة له عن غيره من الأنظمة التعليمية الأُخرى في العالم ، إضافةً إلى طرح بعض المُقترحات الكفيلة بتطوير هذا النظام التعليمي في ظل تحديات العولمة المُعاصرة مع المحافظة على خصوصيته وهويته المميزة .

** الإطار النظري والدراسة التحليلية :

السؤال الأول : ما هي العولمة وما أبرز معالمها ؟
يمكن الإجابة عن هذا التساؤل من خلال تناول مفهوم مصطلح العولمة ، وتسليط الضوء على أهم معالمها ؛ وهو ما يُمكن الإشارة إليه فيما يلي :
* مفهوم العولمة :
يُعد مصطلح العولمة Globalization من المصطلحات المعاصرة الأكثر جدلاً ، والتي استعملها الباحثون والكُتاب في مجالاتٍ مختلفةٍ شملت السياسة ، والاقتصاد ، والاجتماع ، والتربية ، والتقنية ، والثقافة ، والأدب ، والإعلام ، والبيئة ، وغيرها من المجالات الأُخرى . وعلى الرغم من شيوع استخدام هذا المصطلح مؤخراً حيث كثُر استخدامه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1989م / 1990م ؛ إلا أنه يظل مفهوماً غير مُحدد، وغير مُتفقٍ عليه بين العُلماء والباحثين والكُتّاب ؛ ولعل ذلك راجعٌ في الأصل إلى أن " مصطلح ( العولمة ) الذي ظهر في العقد الأخير في الأدبيات الغربية ، قد عانى من اختلافاتٍ بيِّنةٍ باختلاف اللغات الأُوروبية ، وبتعدد الأُطر النظرية والاتجاهات المُتباينة ، فهي عُرضة للاختلاف والتعارض ، وعرضة للتحول والتغير " ( 20 : 26 ) .
ولعل خير دليلٍ على هذا الاختلاف أن هناك من أطلق على هذا المصطلح اسم ( الكونية ) ، ومنهم من أطلق عليه ( الكَوكَبة ) ، وهناك من يطلق عليه ( العالمية ) أو ( التدويل ) ، في حين يطلق عليه البعض ( الأمرَكَة ) أو ( الغَرْبَنة ) ، إلى غير ذلك . إلا أن استخدام مصطلح ( العولمة ) يُعد من وجهة نظر الكثيرين المصطلح الأكثر شيوعاً والأقرب دلالةً على المعنى المقصود لأن معنى ( عَوْلَمَ ) أي جعل الشيء عالماً واحداً .
أما تعريف العولمة لغوياً فيُشير إليه أحد الباحثين بقوله "فأما العولمة مصدراً فقد جاءت توليداً من كلمة ( عَالَم ) ، ونفترض لها فعلاً هو ( عَوْلَمَ ، يُعَوْلِِمُ ، عَوْلَمةً ) بطريقة التوليد القياسي " ( 10 : 38 ) .
كما أن هناك من يرى أن العولمة تعني : "سيطرة الثقافة الغربية على سائر الثقافات . وسيطرة الثقافة الغربية إنما تعني - بتحديدٍ أكثر- سيطرة الثقافة الأمريكية ، أو ما يُعبر عنه بأمركة العالم ؛ وأمركة العالم هي حقيقةٌ تُعاني منها حتى أوروبا نفسها " ( 6 : 15).
ويُمكن تعريف العولمة بأنها : " بناء عَالَمٍ واحدٍ ، أساسه توحيد المعايير الكونية، وتحرير العلاقات الدولية ، السياسية والاقتصادية ، وتقريب الثقافات ، ونشر المعلومات ، وعالمية الإنتاج المُتبادل ، وانتشار التقدم التكنولوجي، وعالمية الإعلام ..إلخ " ( 15: 7 ).
وقد تُعرَّف بأنها " وضعية كونية جديدة ، تخترق كل مجالات الحياة ، وتترك بصماتها على مختلف جوانب العيش والتعامل " ( 11 : 103 ) .
كما قد تُعرَّف بأنها " غزو ثقافيٌ اجتماعيٌ اقتصاديٌ سياسيٌ يستهدف الدين والقيم والفضائل والهوية " ( 4 : 129 ) .
وعلى الرغم من عدم الاتفاق على تعريفٍ واحدٍ أو مفهومٍ مُحددٍ لهذه الظاهرة إلا أنه يمكن القول : إن العولمة تُعد واحدةً من أبرز وأهم الظواهر العالمية المعاصرة المتعددة الأبعاد ، والتي امتد نطاقها إلى مجالات الحياة الإنسانية المختلفة ؛ والتي تسعى إلى الهيمنة والسيطرة الشاملة على كل مناحي الحياة بمختلف الصور والأشكال والأساليب المباشرة وغير المباشرة لفرض نموذج الحياة الأمريكي على العالم .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن العولمة ظاهرةٌ معاصرةٌ تعود جذورها إلى بعض الحضارات التاريخية القديمة ، وهو ما يُشير إليه أحد الباحثين واصفاً العولمة بأنها " ليست ظاهرةً جديدة ، بل قديمةً قِدم التاريخ ، عندما كانت تتصدرُ حضارةٌ ما باقي الحضارات وتقود العالم " ( 20 : 35 ) .
وانطلاقاً مما سبق فإنه يمكن اعتبار العولمة مصطلح أميبي حظي بالكثير من العناية والاهتمام عند الباحثين والكُتاب في مختلف المجالات والميادين ؛ إلا أنه لم يحظ بالاتفاق على تحديد تعريفٍ دقيقٍ وموحدٍ له ، ومرجع ذلك - كما يرى الباحث - إلى الطبيعة الأميبية التي يمتاز بها هذا المصطلح ، كما أن للتباين والتحيز الفكري والمنهجي دوراً فاعلاً في ذلك ، إضافةً إلى العلاقة المتداخلة بين هذا المصطلح والعديد من المجالات التي يسعى كلاً منها لدراسة هذا المصطلح من منظوره . وهو ما أشار إليه أحد الكُتاب بقوله :
تتضح حقيقة العولمة بأنها الرؤية الاستراتيجية لقوى الرأسمالية العالمية ، وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية ، والرامية إلى إعادة تشكيل العالم وفق مصالحها وأطماعها ، سائرةً نحو ذلك الهدف على ثلاثة مساراتٍ مُتوازية :
الأول : اقتصادي وغايته ضغط العالم في سوقٍ رأسماليةٍ واحدةٍ يحكُمها نظام اقتصاديٌ واحدٌ ،وتوجهه القوى الرأسمالية العالمية ،وتضبط حركته قوانين السوق وآلياته.
الثاني : سياسي ويهدف إلى إعادة بناء هيكليات أقطار العالم السياسية في صيغ تكرس الشرذمة والتشتت الإنسانيين ، وتُفكك الأوطان والقوميات إلى كياناتٍ هزيلةٍ قائمةٍ على نزعاتٍ قبليةٍ عرقيةٍ ، أو دينيةٍ طائفيةٍ ، أو لُغويةٍ ثقافية ، بغية سلب أُمم العالم وشعوبها القُدرة على مواجهة الزحف المُدمر للرأسمالية العالمية .
الثالث : المسار الثقافي الذي يهدف إلى تقويض البُنى الثقافية والحضارية لأُمم العالم ، بُغية اكتساح العالم بثقافة السوق التي تتوجه إلى الحواس والغرائز ، وتشل العقل والإرادة ، وتُشيع الإحباط والخضوع . ( 8 : 51 – 52 ) [ بتصرفٍ من الباحث ] .
ولأن العولمة لم تترك مجالاً أو ميداناً أو جانباً من جوانب الحياة الرئيسة ومجالاتها إلا وامتدت إليه ؛ فإن هذا يعني أنها قد اعتمدت في ذلك على بعض العوامل التي أسهمت مجتمعةً في هذا الانتشار الواسع ، وعلى الرغم من تشابك هذه العوامل وتداخلها بحيث يعتمد بعضها على الآخر بصورةٍ يصعُب معها التمييز بينها ؛ إلا أن معظم الكُتاب يُجمعون على " أن هناك أربعة عناصر أساسية يعتقدون أنها أدت إلى بروز تيار العولمة الجارف . وهي كالتالي :
1 – تحرير التجارة الدولية .
2 – تدفق الاستثمارات الأجنبية المُباشرة .
3 – الثورة المعرفية والتكنولوجية .
4 – تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات " ( 13 : 70 ) .
وليس هذا فحسب ؛ فإن هناك من الباحثين من يُشير إلى بعض العوامل الأُخرى التي كان لها آثاراً فاعلةً ، وأدواراً بارزةً في انتشار وشيوع العولمة كتفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط الشيوعية عام 1989م / 1990م ، وإخفاق كثيرٍ من المشروعات التنموية الضخمة في الدول النامية والفقيرة ؛ إضافةً إلى غياب العديد من المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية في عالم اليوم ، إلا أن الثورة المعرفية والتكنولوجية تُعد من أهم هذه العوامل وأكثرها خطورةً إذ أنها تتمثل في التطور العلمي والتقني الذي تتجلى خطورته في كونه وثيق الصلة بالمجال الثقافي الذي يُعد مرتبطاً بموضوع البحث الذي نحن بصدده ، ولذلك فسوف نعرض له بشيءٍ من التفصيل على النحو التالي :
يُعد التطور العلمي والتقني واحداً من أهم وأبرز العوامل التي أسهمت بفعاليةٍ كبيرةٍ في انتشار العولمة ، ويتمثل هذا التطور العلمي والتقني في ما يعيشه العالم المعاصر من تطورٍ مذهلٍ لأجهزة الاتصال الحديثة ووسائل نقل المعلومات المختلفة منذ التسعينيات الميلادية " بفعل ثورة الاتصالات وانفجار المعلومات ، والذي يتجسد في الحواسيب ، والشبكات الإلكترونية ، والأنظمة الرقمية ، وسواها من التقنيات العالية والوسائط المُركبة التي تُتيح نقل المعطيات والعلامات ، أو إدارة الأعمال والأموال من على بُعدٍ وبسرعةٍ قصوى . وبذلك يجد المرء نفسه إزاء ظاهرةٍ كونيةٍ جديدةٍ على مسرح التاريخ العالمي ؛ حيث عالم جديد آخذٍ في التشكُل سواءً من حيث فضائه ومجاله ، أو من حيث بُنيته ونظامه . ومن حيث آليات اشتغاله ومنظومات تواصله " ( 20 : 81 ) .
وهذا يعني أن هذا التطور العلمي والتقني يُعد القوة الأساسية ، والطاقة الجبارة المولدة والمُحركة للعولمة ؛ إذ أنها توفر الفرص وتُتيح المجال للجميع حتى يطَّلعوا على ما لم يكن بالإمكان الإطلاع عليه من قبل . وليس هذا فحسب ؛ فقد يسَّر هذا التطور العلمي والتقني للإنسان توافر الكثير من الخدمات والإمكانات التي لم تكن متوافرةً من قبل ، لاسيما وأنها " تمكنت من الوصول إلى كل مكانٍ في العالم ، وأصبحت بذلك ذات قدرةٍ غير مسبوقةٍ على التأثيـر في عقليات من يتلقونها ، وتكوين مفاهيمهم ومواقفهم ، والتأثير في عاداتهم ونمط حياتهم عن طريق ما تُذيعه من أخبارٍ ، وما تدعو إليه من أفكار ، وما تبُثه من برامج ، وما تُقدمه من حواراتٍ ومُناقشات ، وما تتفنـن فيه من إعلاناتٍ " ( 15 : 463 ) .
أما أهم أدوات هذا التطور العلمي والتقني فتتمثل في :
( 1 ) شبكات البث الفضائي الإذاعي والتلفازي التي تعتمد على وسائل الإعلام ( المرئية ، والمسموعة ، والمقروءة ) التي وصلت إلى كل مكانٍ ، والتي تمكنت من تحويل العالم إلى قريةٍ واحدةٍ بما تمتلكه من قدرةٍ فائقةٍ على تخطي الحدود والمسافات ، وقد تمكنت هذه الوسائل من التأثير المباشر والفاعل في حياة الناس في كل مكان " إذ إن ما تبُثه وسائل الإعلام هو الذي يصنع الأحلام ، والأحلام [ من العوامل ] التي توجِّه السلوك ، وبذلك يتم تنميط العالم " ( 11 : 59 ) .
وليس بخافٍ ما يُبذل من الجهود الجبارة لشبكات البث الإعلامي الفضائي المختلفة التي تعمل على مدار الساعة في سبيل تنميط ثقافة العالم من خلال التركيز على برامج ورسائل إعلامية معينة وموجَهة تهدف في النهاية إلى عولمة المجتمعات والأفراد ، وطمس هويتهم بمختلف الطرق والوسائل المُباشرة وغير المُباشرة .
( 2 ) شبكة الإنترنت أو ما يُعرف ( بالشبكة العنكبوتية ) التي تُقدم خدماتٍ عديدةٍ أصبحت معها وسيلةً فاعلةً ومؤثرةً في تبادل الأفكار والآراء ووجهات النظر ، و نقل الثقافات وتسويق المنتجات ونحوها . وتأتي خطورة شبكة الإنترنت لكونها " قد وفرَّت وسيلةً للنفاذ السريع إلى المعلومة ، كما أمَّنت انتشارها وتوظيفها على نحوٌ مُذهلٍ . وقد باتت من أهم الوسائل الأساسية لتحقيق النـزعة الحالية نحو العولمة " ( 11 : 57 – 58 ) .
من هنا فإنه يمكن القول : إن شبكة الإنترنت قد استوعبت انعكاسات الثورة المعرفية التي اجتاحت العالم مؤخراً من خلال قدرتها الهائلة على تحويل العالم إلى قريةٍ كونيةٍ يتم فيها التواصل العلمي والمعرفي بكل يسرٍ وسهولةٍ متخطياً الحدود الزمانية والمكانية .
وهكذا يتضح من خلال العرض السابق أن ماهية العولمة تتمثل في كونها هيمنةً ثقافيةً في المقام الأول ، وأنها تتخذ من المسارات الاقتصادية والسياسية والإعلامية أدواتٍ فاعلةٍ لتحقيق ذلك . وهذا يعني أن حقيقة العولمة تكمن في السيطرة والهيمنة الثقافية باعتبارها هدف العولمة الغائي ؛ بينما تتخذ من بقية المسارات وسائل ضغط لتحقيق ذلك الهدف ؛ وهو ما يؤكده واقعنا المُعاصر الذي يقوم على مبدأ مسخ الهوية ، ومحو المعالم الشخصية ، وتذويب المقومات العقائدية والفكرية والثقافية حتى تتحقق الهيمنة والسيطرة الاقتصادية ؛ وهو ما يتفق مع ما توصلت إليه دراسة ( مريم محمد إبراهيم الشرقاوي ، 2000م ) التي أشارت إلى أن الهيمنة الثقافية للعولمة قد اتخذت صوراً عدة ، منها : الهيمنة الاقتصادية ، والهيمنة الاجتماعية ، والهيمنة السياسية ، والهيمنة التعليمية ، وغيرها .
السؤال الثاني / كيف يمكن للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية تأكيد الهوية الإسلامية في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟
يُعد النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية أحد البُنى الأساسية التي يقوم عليها النظام الاجتماعي . فالتعليم حقٌ مشروعٌ تفرضه الشريعة الإسلامية السمحة ، وواجبٌ تتكفل به الدولة لكل مواطن في هذه البلاد ، ولذلك أصدرت اللجنة العليا لسياسة التعليم في المملكة العربية السعودية في عام 1390هـ / 1970م وثيقة سياسة التعليم التي تعتبر " المرجع الأساسي لنظام التعليم ، وأهدافه ، وتخطيطه ، وكل ما يتعلق به من أحكام " ( 7 : 65 ) . حيث رسمت هذه الوثيقة ما يمكن تسميته بالخطوط العريضة أو المنطلقات العامة التي يقوم على أساسها النظام التعليمي في المملكة بكل دقةٍ ووضوحٍ انطلاقاً من تعاليم وتوجيهات ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف ، وهو ما أشارت إليه هذه الوثيقة التي نصت في بندها الأول على أن " السياسة التعليمية في المملكة العربية السعودية تنبثق من الإسلام الذي تدين به الأُمة عقيدةً ، وعبادةً ، وخُلقاً ، وشريعةً ، وحُكماً ، ونظاماً مُتكاملاً للحياة " ( 1 : 7 ) .
ولأن النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية ينطلق من تعاليم وتوجيهات الإسلام فهو جديرٌ وقادرٌ - بإذن الله تعالى – متى ما فُعِّل ووظِّف التوظيف الصحيح ، على تأكيد الهوية الإسلامية لأبناء الأمة المسلمة في ظل تحديات العولمة المعاصرة . وفيما يلي بعض الإجراءات التي يمكن للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية من خلالها تأكيد الهوية الإسلامية :
أولاً ) المحافظة على الخصوصية الإسلامية التي يمتاز بها هذا النظام : إذ إن هذا النظام التعليمي بسياسته المعلن عنها يُعد نظاماً تعليمياً مُتميزاً لا يكاد يوجد له شبيهٌ في عصرنا الحاضر ؛ فهو - كما نصت على ذلك الوثيقة في مادتها الثانية – يقوم على " الإيمان بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا " ( السياسة : 8 ) . وهذا تميزٌ ينفرد به هذا النظام التعليمي عن غيره من الأنظمة التعليمية في العالم المعاصر . كما أنه تميزٌ يُوجب العناية والاهتمام بهذه الخصوصية ، والعمل على تأكيدها وتطبيقها في واقعنا المعاصر . ولعل من أبرز خصوصيات هذا النظام ما يلي :
• العناية بالعلوم الشرعية التي تُدَرّس في مختلف المراحل التعليمية ؛ إذ أنها تُزود الطلاب بالعلم الشرعي المتمثل في المواد والمقررات الدينية ( القرآن الكريم ، والتفسير ، والحديث النبوي ، والتلاوة والتجويد ، والتوحيد ، والفقه ، ونحوها من المواد الأُخرى التي تُثري معلومات الطلاب الشرعية ، وتُبصرهم بأمور دينهم ودنياهم ، وتعمل على تحصينهم من خلالها ضد مختلف المذاهب والأفكار والتيارات الفكرية المُعاصرة ، وهو ما نصت عليه الوثيقة في مادتها الحادية عشر التي أشارت إلى أن " العلوم الدينية أساسية في جميع سنوات التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي بفروعه ، والثقافة الإسلامية مادةٌ أساسيةٌ في جميع سنوات التعليم العالي " ( 1 : 9 ) .
• منع الاختلاط بين البنين والبنات في جميع مراحل التعليم تحقيقاً للخصوصية التي ينفرد بها هذا النظام الذي لم يُغفل حق الفتاة في الحصول على حقها المشروع من التعليم شريطة أن يتفق ذلك مع ما جاءت به تعاليم وتوجيهات ديننا الإسلامي الحنيف من منعٍ للاختلاط بين الذكور والإناث في مؤسسات التعليم المختلفة ؛ لما في ذلك من سدٍ للذرائع ومنعٍ للمشكلات المترتبة على التعليم المختلط ، وهو ما أشارت إليه وثيقة التعليم في المادة ( 155 ) التي نصت على أن " يُمنع الاختلاط بين البنين والبنات في جميع مراحل التعليم إلا في دور الحضانة ورياض الأطفال " ( 1 : 30 ) .
• التأكيد على بعض الضوابط الخاصة بتعليم الفتاة بحيث تكفل لها الحصول على حقها المشروع في التعليم المطلوب والمناسب لفطرتها وطبيعتها البشرية في مختلف المراحل التعليمية في جوٍ من الحشمة والوقار والعفاف . وهو ما أشارت إليه الوثيقة في المادة ( 9 ) التي أشارت إلى " تقرير حق الفتاة في التعليم بما يُلائم فطرتها ، ويُعدها لمهمتها في الحياة على أن يتم هذا بحشمةٍ ووقارٍ ، وفي ضوء شريعة الإسلام ، فإن النساء شقائق الرجال "( 1: 9 ).
وهنا يلاحظ أن هذا النظام قد حرص على مراعاة الفروق الطبيعية بين الذكور والإناث ، وحرص على مجاراة الفطرة التي جُبل كلاً منهما عليها .
• العناية الخاصة بمدارس تحفيظ القرآن الكريم حيث يؤكد النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية على " إشاعة حفظ القرآن الكريم ودراسة علومه ؛ قياماً بالواجب الإسلامي في الحفاظ على الوحي ، وصيانة تراثه " ( 1 : 32 ) . وقد تمثل هذا الاهتمام في إنشاء المدارس والمعاهد الخاصة بتحفيظ القرآن الكريم وتدريس علومه لمختلف المراحل التعليمية ، والحرص على دعمها وتطويرها ، والعمل على انتشارها لإتاحة الفرصة للراغبين في ذلك سواءً من أبناء البلاد أو من الوافدين . إضافةً إلى رصد الجوائز التشجيعية والمكافآت المخصصة للحُفاظ والدارسين ؛ الأمر الذي يؤكد عناية هذا النظام التعليمي بهذا النوع الخاص والمتميز من التعليم وفقاً لمناهج وخطط دراسيةٍ مُعتمدةٍ لكل مرحلةٍ من المراحل ( الابتدائية ، والمتوسطة ، والثانوية ) .
• خلو هذا النظام التعليمي من الأفكار أو التوجهات الاستعمارية إذ إن السياسة التعليمية لهذا النظام تميزت " بخلوها من كل دخيل ، وبراءتها من كل مستورد ، فلا أثر فيها مطلقاً لما جلبه الاستعمار الغربي في سياسات التعليم بدولٍ أخرى عربيةٍ أو إسلامية " ( عيسى : 25 ) . ومعنى هذا أن سياسة النظام التعليمي في المملكة تمتاز بأنها لم تخضع للأفكار والنظريات الوافدة ، ولم تتأثر بالمذاهب والتيارات العالمية ، وأنها تميزت وانفردت بفكرها الإسلامي الواضح المنطلق من الأصول والمصادر الإسلامية الخالدة المتمثلة في كتاب الله العظيم ، وسنّة رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم ، والقائم على التصور الإسلامي الشامل للكون والإنسان والحياة ، والذي يُمكن من خلاله فهم الإسلام فهماً صحيحاً ومتكاملاً يؤدي بدوره إلى تحقيق معنى الانتماء الكامل والولاء الصادق لهذا الدين ، ورفض كل فكرٍ أو نظامٍ أو توجهٍ يُخالفه أو يتعارض معه .
ومما سبق يتضح أن للنظام التعليمي في المملكة العربية السعودية العديد من الخصوصيات التي ينفرد ويمتاز بها عن غيره من الأنظمة التعليمية المُعاصرة ؛ وأن من الضروري جداً أن يُحافظ على تلك الخصوصيات ، وأن يعمل على تأكيدها ، وعدم التفريط فيها أو التخلي عنها بحجة التطور أو التجديد أو المُسايرة لظروف العصر وتحدياته أو نحو ذلك من الشعارات الزائفة والدعايات المغرضة .
ثانياً ) غرس مبدأ الاعتزاز بالهوية الإسلامية في النفوس : لاسيما وأن هذه الهوية المسلمة تُعد فريدةً ومُتميزةً في كل شأنها ؛ وخير دليلٍ على ذلك التميز أنه لا يُمكن أن يتحقق أو يُنال إلا بالالتزام الكامل والتمسك التام بمنهج الإسلام في العبادات والعادات ، وفي الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ، وكل شأنٍ من شؤون الحياة ، دونما تبعيةٍ ، أو تقليدٍ ، أو تشبهٍ ، أو ذوبانٍ ، أو انبهار بالآخرين في أي زمانٍ أو مكان . وهو ما أشارت إليه الوثيقة في المادة التاسعة والعشرين والتي تنص على " تنمية روح الولاء لشريعة الإسلام ، وذلك بالبراءة من كل نظام أو مبدأ يُخالف هذه الشريعة ، واستقامة الأعمال ، والتصرف وفق أحكامها العامة الشاملة " ( 1 : 12 ) .
وتأتي أهمية هذا الجانب نظراً لكونه وثيق الاتصال بهوية الأُمة وفكرها وثقافتها ، والذي عادةً ما يكون هدفاً مباشراً للعولمة التي تهدف إلى توحيد الأفكار والمفاهيم والمبادئ والقيم التي تخدم أهدافها وأغراضها ، وتقوم على مبدأ تجاهل الثقافات والخصوصيات المحلية ومسخ الهوية الثقافية بصورة تجعل الأمم مسلوبة الإرادة ، معدومة الهوية ، خاضعةً لكل ألوان الهيمنة والاستعباد .
أما كيفية غرس مبدأ الاعتزاز بالهوية الإسلامية في النفوس فيمكن للنظام التعليمي تحقيق ذلك من خلال التالي :
• العودة الجادة إلى رصيد الأُمة الثقافي ، ومخزونها الفكري المتمثل في تراثها الإسلامي الزاخر بالكثير من المعطيات الأصيلة التي لا تحتاج إلا للبحث والاستخراج ، ثم التوظيف الحضاري المناسب الذي يكفل لها التسخير الإيجابي والإفادة الكاملة في عملية البناء والتنمية الحضارية المنشودة التي تُمكِّن البشرية كلها من حق الانتفاع بما فيها من الخير والصلاح .
• التأكيد على غرس المبادئ والقيم الإسلامية الأصيلة المستمدة من مصادر ديننا وتربيتنا الإسلامية في مختلف مجالات الحياة من خلال النظام التعليمي حتى يتشربها النشء منذ نعومة أظفارهم ، ويتربون عليها فتصبح جزءً لا يتجزأ من معالم تربيتهم الشخصية ؛ ويأتي من أهم وأبرز هذه المبادئ والقيم الصدق ، والأمانة ، والتطوع ، والجدية ، والشورى ، والتواضع ، والمُحافظة على الوقت ، وإتقان العمل ، ونحو ذلك . وهو ما يتفق مع ما توصلت إليه دراسة ( مريم محمد إبراهيم الشرقاوي ، 2000م ) التي أكدت على أهمية تبني النظام التعليمي لهذا الشأن .
• عدم الانبهار أو الإعجاب ببريق المصطلحات الخادعة المختلفة التي تتزيا بها ظاهرة العولمة ولا سيما في المجال الثقافي ، والعمل على إعادة الثقة بثقافتنا الأصيلة وهويتنا المتميزة عن طريق إعادة الحيوية والتألق لها ، وترجمتها إلى واقعٍ مُعاشٍ ، ونماذج تطبيقيةٍ حيةٍ في مختلف جوانب حياتنا المعاصرة ، ولاسيما الجانب التربوي والتعليمي الذي يقوم بدورٍ كبيرٍ وفاعلٍ في عمليات التنشئة الاجتماعية لأبناء المجتمع وفئاته المختلفة .
ثالثاً ) تنمية الوعي الإسلامي المتفاعل إيجابياً مع معطيات الحضارة المعاصرة : نظراً لما يترتب على هذا الوعي من غرسٍ للمبادئ والقيم الصحيحة في النفوس ، وتأتي أهمية العناية بتنمية هذا النوع من الوعي لكون العولمة " تهدف أول ما تهدف إلى السيطرة على الوعي ، والهيمنة عليه وتوجيهه ، وبذلك يتم تعطيل فاعلية المنطق ، والتشويش على نظام القيم ، وتوجيه الخيال ، وتنميط الذوق ، وقولبة السلوك " ( بكار : 50 ) . وهو ما يُلاحظ في الكثير من المظاهر والسلوكيات الفردية والجماعية التي انتشرت بين أبناء وفئات المجتمع ولا سيما في التعاملات اليومية التي لا شك أنها تأثرت كثيراً بما تُصدره العولمة من أفكارٍ ومظاهر وسلوكياتٍ وافدةٍ عبر وسائلها المتنوعة ؛ وبخاصةٍ ما تبثه وتعرضه وسائل الإعلام المختلفة من أفلامٍ وبرامج ودعاياتٍ وغيرها .
من هنا فإن على النظام التعليمي العناية بتحقيق كل ما من شأنه تنمية الوعي الإسلامي الصحيح لأبناء الأُمة ، والعمل على تبصيرهم بكل جديدٍ ومفيدٍ من المعطيات الحضارية تحقيقاً لما جاء في المادة ( 16 ) من الوثيقة التي نصت على " التفاعل الواعي مع التطورات الحضارية العالمية في ميادين العلوم ، والثقافة ، والآداب بتتبعها ، والمشاركة فيها وتوجيهها بما يعود على المجتمع والإنسانية بالخير والتقدم " ( 1 : 9 ) .
السؤال الثالث / ما أهم المقترحات لتطوير نظام التعليم في المملكة العربية السعودية في ظل تحديات العولمة المعاصرة ؟
= مما لا شك فيه أن ما يشهده عالمنا المعاصر من تغيراتٍ علميةٍ مُتسارعةٍ ، وتطوراتٍ تقنيةٍ هائلةٍ يتطلب العديد من الاستعدادات للمواجهة تخطيطاً و تطويراً ، وفيما يلي بعض المقترحات لتطوير نظام التعليم في المملكة العربية السعودية ليكون قادراً – بإذن الله تعالى – على مواجهة تحديات العولمة المعاصرة ، ومنها :
أولاً ) التوسع الكمي والتطور الكيفي في خطط التعليم الحاضرة والمستقبلية : وهذا يعني أن يكون النظام التعليمي في المملكة قادراً ( كماً و كيفاً ) على التفاعل الإيجابي والتكيف اللازم مع معطيات العصر وتطلعات المستقبل عن طريق التالي :
* التوسع الكمي : ويُقصد به زيادة عدد مؤسسات التعليم لاستيعاب أعداد المتعلمين في كافة المراحل التعليمية ؛ وبخاصةٍ مؤسسات التعليم الجامعي والعالي . ويمكن تحقيق ذلك من خلال التالي :
أ - التوسع الكمي في التعليم الجامعي الذي يستلزم إتاحة فرص التعليم الجامعي لكل الراغبين من حملة الشهادة الثانوية أو ما يُعادلها ( ذكوراً وإناثاً ) تحقيقاً لما جاء في المادة ( 110 ) من وثيقة التعليم التي نصت على : " إعداد مواطنين أكفاء مؤهلين علمياً وفكرياً تأهيلاً عالياً لأداء واجبهم في خدمة بلادهم والنهوض بأُمتهم في ضوء العقيدة السليمة ، ومبادئ الإسلام السديدة " ( 1 : 23 ) . ومعلومٌ أن إعداد المواطنين الأكفاء المؤهلين علمياً وفكرياً لا يمكن أن يتحقق إلا باستقطاب أعداد الطلاب الحاصلين على الشهادة الثانوية أو ما يُعادلها في مؤسسات التعليم الجامعي وهذا يستلزم توسعاً كمياً في عدد الكليات والجامعات التي تمنح خريجيها المؤهلات الجامعية التي تؤهلهم علمياً وفكرياً لخدمة المجتمع في قطاعاته وميادينه المختلفة بكل كفاءةٍ وجدارةٍ .
ب - التوسع الكمي في ميدان الدراسات العليا عن طريق إتاحة المزيد من الفرص للراغبين من الذكور والإناث في مواصلة تعليمهم العالي تحقيقاً لما جاء في المادة ( 111 ) من وثيقة التعليم التي تنص على : " إتاحة الفرصة أمام النابغين للدراسات العليا في التخصصات العلمية المختلفة " (1: 23 ) . وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق التوسع الكمي في فتح باب القبول للراغبين من الطلاب والطالبات للالتحاق ببرامج الدراسات العليا ( الماجستير والدكتوراه ) في الجامعات والكليات المعنية ؛ والحرص على تشجيعهم وتحقيق رغباتهم ، والإفادة منهم بعد ذلك في سد احتياجات قطاعات المجتمع المختلفة من أصحاب الشهادات والكفاءات العلمية .
ج - مراعاة أن يُحقق التوسع الكمي في التعليم الجامعي مبدأ التوازن الجغرافي في مختلف مدن ومناطق المملكة ؛ وهذا يعني ألاَّ يكون هذا النوع من التعليم مُتركزاً في المدن الكبرى فقط إذ " إن التوازن الجغرافي في توزيع مؤسسات التعليم الجامعي أمرٌ له أهميته في سد احتياجات المجتمع المحلي من التعليم الجامعي في كل منطقة من مناطق البلاد ..بالإضافة إلى أن التعليم الجامعي هو مركز إشعاع في مجال تنمية وخدمة المجتمع بما يوفره من برامج هادفة " ( 12 : 30 ) .
** التطور الكيفي : ويُقصد به التجديد والارتقاء بمختلف مؤسسات وبرامج وطرائق وأساليب منظومة التعليم في المملكة من خلال رفع كفاءة النظام التعليمي في مختلف مراحله ومستوياته ، وتطوير عناصره وآلياته من خلال التالي :
( 1 ) تطوير طرائق وأساليب التدريس الحالية في المؤسسات التعليمية ، وتغييرها إذا لزم الأمر واقتضت المصلحة ذلك ؛ كأن يُستبدل أُسلوب الحفظ والتلقين بالأساليب الحديثة التي يتم فيها التركيز على قدرات المتعلم واستعداداته ليكون دوره إيجابياً في العملية التعليمية ، وأن يكون التركيز في العملية التعليمية على الطرائق والأساليب غير التقليدية مثل : ( المناقشة والحوار ، الاستقراء ، الاستكشاف ، وغيرها ) . وهو ما وردت الإشارة إليه في الرؤية المستقبلية لوزارة المعارف ( التربية والتعليم حالياً ) المؤمل تنفيذها خلال الفترة من ( 1420هـ - 1430هـ ) والتي أكَّدت على أن " التطور المُتسارع في العلوم والتقنية يتطلب إعادة النظر في مناهج العلوم الطبيعية والرياضيات وطرائق تدريسها ، وتنمية قُدرات الطلاب على التفكير المنهجي ، والابتكار ، والحوار ، ودعم القدرات الخاصة والتعليم الذاتي لديهم " ( 22 : 104 ) .
( 2 ) تطوير محتويات المناهج التعليمية لتكون موافقةً لطبيعة الأهداف التي ينشدها المجتمع ، والتي يفرضها الواقع المعاصر ؛ وهو ما يمكن تحقيقه عن طريق إعادة النظر في محتوى المناهج الدراسية التي تحتاج - في جميع المراحل الدراسية - إلى مراجعةٍ وتطويرٍ وتجديدٍ يتناسب مع ظروف ومعطيات العصر ، ويتواءم مع ما فيه من مستجداتٍ ومُتغيراتٍ ، ولا يتنافى أو يتعارض بأي حالٍ مع ثوابت الأُمة ومبادئها .
كما أن من الضرورة بمكان أن تتوافر الأساليب التربوية والتعليمية الحديثة التي تتيح " فرص المناقشة والحوار للمتعلمين ، وتوجههم للبحث في مصادر الخبرات المنهجية ، وتغرس فيهم القناعة بتنوع هذه الخبرات ، وتُدرب المتعلمين على تحليلها ونقدها والتعرف على الجوانب الإيجابية والسلبية فيها " ( 17 : 68 ) .
( 3 ) تنوع أساليب التقويم والامتحانات والتركيز على تقويم العمليات العقلية العليا للمتعلمين مثل : ( التحليل ، والتركيب ، والتقويم ، ونحوها ) بدلاً من التركيز على الحفظ ، حيث أن الطرائق الحديثة للتقويم في العملية التعليمية تكون ذات أثرٍ فاعلٍ في تشجيع التعليم الذاتي ، والعمل على زيادة مهارة وقدرة المتعلم على البحث عن المعلومة ، ومن ثم حسن التعامل معها واستيعابها بصورةٍ صحيحةٍ وإيجابية . وهذا يتفق مع ما توصلت إليه دراسة ( السيد عبد العزيز البهواشي ، 2000م ) التي أشارت إلى أهمية " تغير طرق التعليم التي تقوم على التلقين تغيراً جذرياً لتحل محلها طرق تعليم تقوم على الحوار والنقاش ، حتى يستطيع الطلاب أن يقفوا أمام ما يتلقونه من مصادر البث الأيدولوجي [ الفكري ] الغربي والأمريكي موقفاً ناقداً ؛ فالنجاح في التعامل مع تقنية العولمة سوف يعتمد على القدرات الذهنية أكثر مما كان في أية مرحلةٍ تاريخيةٍ سابقةٍ " ( 5 : 259 ) .
( 4 ) العمل على توافر البيئات التعليمية المناسبة للتطور العلمي والتعليمي المنشود ويشمل ذلك توافر المباني المدرسية الحكومية المناسبة ، والمعامل التعليمية الملائمة ، والمكتبات ، والملاعب ، وغيرها من المرافق التي يعتمد نجاح العملية التعليمية على مدى توافرها وإمكانية الإفادة منها في هذا الشأن ؛ إذ " إن المُخططات السليمة للمباني التعليمية لا بُد من أن تتعرض لدراسة الوسائل الفنية للأبنية التعليمية كوضع توجيهاتٍ لتصميم المباني على أُسس تربويةٍ واجتماعيةٍ وصحيةٍ ، بحيث تتفق والمستوى الاجتماعي ، وبحيث تراعي العوامل الجوية والبيئية والحالة الاقتصادية في البناء واستخدام الخامات المحلية ، وبحيث يؤخذ في الاعتبار طرق التدريس ، وبحيث تكون الأبنية التعليمية قابلة للتوسع في المستقبل ، ويمكن تعديلها وفق الاحتياجات المستقبلية " ( 2 : 44 ) . وهو ما يمكن تحقيقه من خلال وضع خطة زمنية محددة للاستغناء عن المباني المُستأجرة أو القديمة الحالية ، و العمل على سرعة توافر المباني الحكومية المهيأة والمجهزة بكامل المستلزمات المطلوبة للعملية التعليمية تبعاً لاحتياجات مختلف المراحل
ثانياً ) تطوير عملية إعداد المعلم : فالمعلم سيظل حجر الزاوية في العملية التعليمية ، ولن يتمكن النظام التعليمي من مواجهة تحديات العولمة المعاصرة دون إعطاء المعلم أولوية العناية والاهتمام اختياراً ، وإعداداً ، وتدريباً لغرض الرفع من مستواه ، والعمل على مساعدته في تحقيق التفاعل اللازم والتكيف المطلوب مع المستجدات المعاصرة . ولعل من أبرز ما ينبغي مراعاته لتطوير عملية إعداد المعلم ما يلي :
1. تطوير عملية إعداد المعلمين والمعلمات في مراحل التعليم العام عن طريق إعادة النظر في ضوابط وشروط سياسات القبول التي تتم من خلالها عملية اختيار المتقدمين للدراسة في الكليات المعنية بعملية إعداد المعلمين والمعلمات ؛ إذ أن نجاح هذه الكليات في إعداد وتدريب معلمي المستقبل يتوقف إلى حدٍ كبيرٍ على " ما توفر لدى طلاب هذه الكليات من إمكانيات واستعدادات مهنية ، واتجاهاتٍ وميولٍ إيجابية نحو مهنة التعليم " ( 15 : 80 ) . وهذا يعني أن سياسات القبول في الكليات المعنية بعملية إعداد المعلمين والمعلمات في حاجةٍ ماسةٍ إلى أن تُضبط من بداية اختيار الطلاب والطالبات المتقدمين للالتحاق بها ، وأن تتم وفق معايير وضوابط مدروسة ومُقننة حتى يمكن أن تُسهم فعلياً في تحقيق حسن الاختيار ومصداقيته ، ومن ثم الاطمئنان إلى إمكانية نجاح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hanichat.forumalgerie.net
 
بحث حول العولمة وتحدياتها بامراجع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحـــث جاهز حـــول العولمة وتحديــاتهـا مع ذكر المراجع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى خروبي سليمان :: الفئة الثالثة :: منتدى التربية والتعليم :: منتدى البحوث :: بحوث باللغة العربية-
انتقل الى: